( فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً ) أي اقصدوا ، والحقّ الأوّل لقوله عليهالسلام « إنّما الأعمال بالنيّات » (١) والجمع المعرّف للعموم ولقوله عليهالسلام « وإنّما لكلّ امرئ ما نوى » (٢) ومن طريق الأصحاب ما ورد من قول الرّضا عليهالسلام : « لا قول إلّا بالعمل ولا عمل إلّا بالنيّة ولا قول ولا عمل إلّا بإصابة السنّة (٣).
ثمّ اعلم أنّ شرعيّة النيّة لغرض تميّز الفعل عن غيره فيجب أن يتصوّر فيها تصوّرا قلبيّا حقيقة الفعل المنويّ من كونه وضوءا أو صلاة أو صوما أو غير ذلك ونوعه ليمتاز عن نوع آخر كالإباحة للوضوء والظهر للصلاة ورمضان للصوم والماليّة أو الفطرة للزّكوة والتمتّع أو غيره للحجّ ووصفه الفارق بين أفراد نوعه كالوجوب للواجب والنّدب للمندوب ووقته المحدود له بالشّخص إن كان موقّتا فينوي الأداء إن فعله فيه والقضاء إن فعله خارجا عنه ثمّ الرّكن الأعظم الّذي هو الإخلاص وقد مرّ معناه.
الرابعة ( إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ فِي كِتابٍ مَكْنُونٍ لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ )(٤)
كريم أي حسن مرضيّ في جنسه وقيل : كثير النفع لاشتماله على أصول العلوم المهمّة في المعاش والمعاد. ( فِي كِتابٍ مَكْنُونٍ ) أي مصون مستور عن الخلق في لوحه المحفوظ.
وقيل : المصحف الّذي بيد الناس والضمير في « لا يَمَسُّهُ » يعود إلى الكتاب لأنّه أقرب ، فعلى القول الأوّل : لا يمسّه إلّا الملائكة المطهّرون من الذّنوب وعلى
__________________
إِلّا » ورواية إنّما الأعمال بالنيّات فلا يخفى عليك ما فيها للاستدلال على المقصود فانّ الآية ظاهرة في التّوحيد ، ويشهد له عطف الصّلوة والزّكاة وسياق نظائرها من الايات ، والنّبوي يجب حمله على نفى الجزاء حتى لا يستلزم تخصيص الأكثر المستهجن.
(١) الوسائل ب ٥ من أبواب النيّة ح ٤ و ٢. وصحيح البخاري كتاب الايمان ص ٢٣.
(٢) الوسائل ب ٥ من أبواب النيّة ح ٤ و ٢. وصحيح البخاري كتاب الايمان ص ٢٣.
(٣) الوسائل ب ٥ من أبواب النيّة ح ٤ و ٢. وصحيح البخاري كتاب الايمان ص ٢٣.
(٤) سورة الواقعة : ٧٦.