السادسة ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُباتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً ) (١).
الخطاب للمسلمين من المنافقين والمؤمنين المخلصين بدليل قوله فيما بعد « وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ » أي يثبّطنّ « و خُذُوا حِذْرَكُمْ » أي خذوا طريق الاحتياط واسلكوه واجعلوا الحذر ملكة في دفع ضرر الأعداء عنكم والحذر والحذر بمعنى واحد كالإثر والأثر « فَانْفِرُوا » أي سيروا إلى العدوّ « ثُباتٍ » أي جماعة بعد جماعة وهي السرايا « أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً » أي جيشا واحدا وقيل الحذر السلاح عن الباقر عليهالسلام قال الطبرسيّ وهو الأصحّ لأنه أوفق بقياس كلام العرب ويكون من باب حذف المضاف أي آلات حذركم (٢) وفيه نظر لأنّه في غير هذه الآية عطف السلاح على الحذر كما تقدّم (٣) والعطف يقتضي المغايرة وقوله إنّه من باب حذف المضاف خروج عن القول المنقول لأنّه فسّر الحذر بأنّه السلاح ولو قال إنّه سمّي السلاح حذرا لأنّه به يحصل الحذر لكان أصوب وعلى هذا يكون قوله « خُذُوا » مستعملا في موضوعه أي تناولوا وفي الآية حثّ على الاستعداد للجهاد وإيجاب النفور إلى الأعداء للجهاد.
السابعة ( فَلْيُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا بِالْآخِرَةِ وَمَنْ يُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً ) (٤).
لمّا أمر المسلمين كافّة بالجهاد في سبيله أخبر هنا بأنّ الأمر في الحقيقة إنّما يتوجّه إلى السعداء المخلصين وهم الّذين يبيعون الحياة الدنيا بالحياة الآخرة أي
__________________
(١) النساء : ٧٠.
(٢) مجمع البيان ج ٣ ص ٧٣.
(٣) يعنى قوله تعالى « وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ » راجع ص ١٨٨.
(٤) النساء : ٧٣.