احتاج إلى رهن يثق به البائع وهو هنا تأكيد الوعد فلذلك قال « وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا » وهو مصدر مؤكّد لمضمون الجملة وهو « أنّ لهم الجنّة » و « حقّا » صفته.
قوله « وَمَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ » استفهام على وجه الإنكار وأوفى للتفضيل أي ليس أحد أكثر وفاء ولا أصحّه من الله وكيف لا وخلف الوعد قبيح والقبيح محال عليه سبحانه « فَاسْتَبْشِرُوا » أي خذوا حظّكم من الغبطة والسرور في هذه المبايعة وكيف لا وقد أعطيتم الشيء الحقير الفاني وأخذتم الخطير الباقي « وَذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ».
روي أنّ رجلا قال لزين العابدين عليهالسلام إنّك قد آثرت الحجّ على الجهاد والله يقول « إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ » فقال عليهالسلام فاقرأ ما بعدها « التّائِبُونَ الْعابِدُونَ الْحامِدُونَ السّائِحُونَ » إذا رأيت هؤلاء فالجهاد معهم أفضل من الحجّ (١) إشارة منه عليهالسلام إلى أنّ الجهاد المأمور به هو الجهاد مع الامام المعصوم لا أيّ جهاد كان تنبيها للسائل على جهله فإنّه ليس ممّن له الاعتراض على مثل هذا الرجل العظيم الشأن العالم بشرائط العبادات وأسرار الطاعات.
الثامنة ( ما كانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللهِ وَلا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ لا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلا نَصَبٌ وَلا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلا يَطَؤُنَ مَوْطِئاً يَغِيظُ الْكُفّارَ وَلا يَنالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلاً إِلّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صالِحٌ إِنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ وَلا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً وَلا يَقْطَعُونَ وادِياً إِلّا كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللهُ أَحْسَنَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ ) (٢).
المراد بأهل المدينة من سكنها من المهاجرين والأنصار و « الأعراب » جمع
__________________
(١) مجمع البيان ج ٣ ص ٧٦. تفسير القمي ص ٢٨١.
(٢) براءة : ١٢١.