الثّاني : لا يمسّه إلّا المطهّرون من الأحداث والخباثات وهو مرويّ عن الباقر عليهالسلام (١) وجماعة من المفسّرين ومذهب مالك والشافعيّ وأبي حنيفة وزاد الشافعيّ حتّى الحاشية ويكون المراد النّهي عن مسّه (٢) لا نفي المسّ الّذي هو خبر وإلّا لزم الكذب لأنّا نعلم ضرورة أنّه يمسّه من ليس بمطهّر.
ويؤيّده الرواية عن الصادق عليهالسلام وقد قال لولده إسماعيل : « اقرأ المصحف قال : لست على وضوء فقال لا تمسّ الكتابة ومسّ الورق (٣) » وإذا لم يجز لغير المتوضّي مسّه فللجنب أولى ، وهل يمنع الجنب والحائض من قرائته؟ فقال أصحابنا بمنع سور العزائم الأربع لا غير وجواز السّبع بغير كراهيّة وما فوقها على كراهيّة وتشتدّ بزيادة القراءة وتضعف بقلّتها لعموم قوله تعالى ( فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ ) (٤) خرج العزائم من العموم وبقي ما عداها على الجواز وقال الشافعيّ : لا يجوز مطلقا وكذا أحمد وجوّز أبو حنيفة دون الآية وما لك للجنب الآية والآيتين على سبيل التعوّذ وللحائض أن تقرأ ما شاءت وكذا قال داود للجنب ويحتجّ عليهم في الجواز بكتاب النبيّ (٥) صلىاللهعليهوآله إلى هرقل عظيم الرّوم المتضمّن لقوله تعالى ( يا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ أَلّا نَعْبُدَ إِلَّا اللهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً ) (٦) الآية وهو كافر مجنب فيقرء الكتاب ضرورة وإلّا لانتفت فائدة بعثته.
الخامسة ( فِيهِ رِجالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ ) (٧)
__________________
(١) الوسائل ب ١٢ من أبواب الوضوء ح ٥ وفيه من الأحداث والجنابات.
(٢) فانّ الظّاهر منه كونه حكاية وصف خارجيّ لا إنشاء حكم تشريعيّ لا سيّما مع ظهور المطهّر بالفتح في المعصوم عليهالسلام لا ما يعم المتطهّر فالمستند الأقوى للحكم الرّوايات ، ثم الحكم للجنب بطريق اولى والإجماع المدّعى في كلمات القوم.
(٣) الوسائل ب ١٢ من أبواب الوضوء ح ٢.
(٤) المزّمّل : ٢٠.
(٥) راجع مكاتيب الرّسول ج ١ ص ١٠٥.
(٦) آل عمران : ٥٧.
(٧) التوبة : ١٠٩.