الشرك أي شركهم في الحرم أشدّ عليهم من قتلكم لهم ومن إخراجهم من الحرم.
قوله « وَلا تُقاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ » قيل سبب نزولها أنّ المسلمين لمّا وقع صلح الحديبية خافوا أنّهم إذا رجعوا في العام المقبل أن لا يفي المشركون بعهدهم فيضطرّون إلى قتالهم في الحرم في الشهر الحرام فأمرهم الله بقتالهم إن لم يفوا فإنّ جزاء السيّئة سيّئة.
فائدة :في حكم هذه الآية قوله تعالى ( فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ ) وفيه زيادة (١) تحريص للنبيّ صلىاللهعليهوآله عليهم بقوله « وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ ».
الثالثة ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ) (٢).
« يَلُونَكُمْ » أي يقربون منكم أي قاتلوا الكفّار كلّهم الأقرب فالأقرب لأنّ قتالهم مع تباين أمكنتهم دفعة واحدة من المحالات فلا بدّ من الترتيب والأحوط البدأة بالأقرب ما لم يكن الأبعد أشدّ خطرا من الأقرب ولذلك قاتل النبيّ صلىاللهعليهوآله بني قريظة وبني النضير أوّلا وفتح مكّة قبل حرب هوازن ولم يحارب أهل فارس لبعدهم وسئل ابن عمر عن قتال الديلم فقال عليكم بالروم. والغلظة الشدّة وخلاف اللّين « وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ » لأنّه أمر بالتقوى ومن المحال أن يأمر بشيء ويكون مع ضدّه ويجوز أن يريد المتّقين عن الفشل واللّين والفرار لأنّه أمر بأضدادها.
الرابعة ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبارَ وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلّا مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَةٍ فَقَدْ باءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ وَمَأْواهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ) (٣).
__________________
(١) براءة : ٥.
(٢) براءة : ١٢٤.
(٣) الأنفال : ١٦.