الطّهارة لأنّ الطهارة شرعا حقيقة في رافع الحدث ، والثّناء والمحبّة وتأكيد الإرادة والإتيان بلفظ المبالغة مشعر بالتكرّر ودوام حصول المعنى وكلّ ذلك دليل على ما قلناه والله أعلم.
السّادسة ( وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُوراً ) (١).
هنا فوائد.
١ ـ لا ريب أنّ الطّهور لغة ورد لأمور :
أحدها : مبالغة في الطّاهر فيكون صفة للماء وسبب الوصف أن يعلم أنّ الطّهارة صفة ذاتيّة له.
وثانيها : اسم لما يتطهّر به كالبخور لما يتبخّر به والوقود لما يتوقّد به.
وثالثها : بمعنى الطّهارة كقوله عليهالسلام : « لا صلاة إلّا بطهور » (٢).
إذا تقرّر هذا فقال بعض الحنفيّة أنّه في الآية والاستعمال بالمعنى الأوّل لا غير لأنّ فعولا يفيد المبالغة في فاعل كما يقال ضروب وأكول لزيادة الضّرب والأكل ولا يفيد شيئا مغايرا له فعلى هذا لا يكون بمعنى المطهّر عنده لأنّ كونه مطهّرا مغاير لمعنى الطّاهر فلا يتناوله المبالغة ولأنّه قد يستعمل فيما لا يفيد التّطهير كقوله تعالى ( وَسَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً ) (٣) وقول الشّاعر : « عذاب الثّنايا ريقهنّ طهورا ».
وقالت الشافعيّة وأصحابنا أنّه بمعنى المطهّر فيكون مأخوذا من الوضع الثّاني واستدلّوا بالنّقل والاستعمال :
أمّا الأوّل فلما ذكره اليزيديّ حيث قال : الطّهور بالفتح من الأسماء المتعدّية وهو المطهّر غيره وأمّا الثاني فلأنّه مراد فيه فيكون حقيقة إمّا إرادته فلقوله عليهالسلام :
__________________
(١) الفرقان : ٥٠.
(٢) الوسائل ب ١ من أبواب الوضوء ح ١.
(٣) الدّهر : ٢١.