أدناهم ليضرب بعشرين ألفا وأعطاني زمزم وما أحبّ أنّ لي بها جميع أموال مكّة وأنا أنتظر المغفرة.
وأنذرهم أنّهم إن يريدوا خيانة الرسول بالردّة عن الإسلام فقد خانوا الله من قبل بالشرك ومعاونة المشركين فأمكن منهم بالقدرة عليهم ، كذلك إذا ارتدّوا يمكّن منهم ثانيا كما مكّن منهم أوّلا كما وقع لدريد بن الصمّة ومن ضارعه ممّن أسلم ثمّ ارتدّ وخرج على النبيّ صلىاللهعليهوآله مع المشركين.
العاشرة ( فَإِمّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ وَإِمّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْخائِنِينَ ) (١).
الضمير عائد إلى الّذين نقضوا عهدهم وهم بنو قريظة عاهدهم رسول الله صلىاللهعليهوآله على أن لا ينصروا قريشا فأعانوا مشركي مكّة يوم الخندق فلمّا عرّفهم نقضهم قالوا نسينا وأخطأنا فأمره الله بمكافاتهم « وإن » شرطية « وما » زائدة لتأكيد الشرط والنون للتوكيد في الفعل أيضا ومعناه إن صادفتهم يا محمّد في الحرب فشرّد بهم من خلفهم أي نكّل بهم تنكيلا تشرّد غيرهم من ناقضي العهود خوفا أن ينكل به قاله أكثر المفسّرين « لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ » أي إذا فعلت ذلك كان عظة لغيرهم فيعلمون أنّ عاقبة الغدر وخيمة « وَإِمّا تَخافَنَّ » أيضا جملة شرطيّة كما تقدّم أي إن خفت « مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً » أي نقض عهد « فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ » عهدهم أي ألق إليهم عهدهم واقتصر على ذلك ولا تحاربهم قوله « عَلى سَواءٍ » أي على عدل فإنّهم إذا نقضوا العهد فنبذت إليهم عهدهم لتساويتم لكنّهم لمّا بدءوا استحقّوا الذمّ فعلى هذا نكون الآية الاولى في حال من تكرّر منهم نقض العهد لقوله قبلها « الَّذِينَ عاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لا يَتَّقُونَ » وهذه لمن ظهر منه أمارات النقض لأنّ التفصيل قاطع للشركة.
__________________
(١) الأنفال : ٥٩.