لكن يرد هنا سؤال وهو أنّ أهل مكّة حاربهم رسول الله صلىاللهعليهوآله مع عدم تكرار النقض منهم فيجاب بأنّ معنى الآية الثانية ظهور أمارة النقض وظنّ ذلك وأهل مكّة نقضوا العهد بالفعل وقتلوا رجلا من خزاعة من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآله وفرق بين ظنّ النقض وبين تيقّنه أو يكون المراد أنّ النقض بغير القتل ولم يتكرّر فيقتصر معه على نبذ العهد وبالقتل كأهل مكّة أو مع التكرار كبني قريظة تجوز المحاربة فيكون ممّا خصّ بمنفصل.
قوله « إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْخائِنِينَ » عدم المحبّة أعمّ من البغضة لجواز أن لا يحبّ ولا يبغض كما أنّ ظهور أمارة النقض أعمّ من نقضه بالفعل ومن عدمه.
الحادية عشر ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ فَتَبَيَّنُوا وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا فَعِنْدَ اللهِ مَغانِمُ كَثِيرَةٌ كَذلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً ) (١).
روي في سبب نزولها أنّ رجلا يقال له مرداس من أهل فدك أسلم ولم يسلم من قومه غيره فغزتهم سريّة لرسول الله صلىاللهعليهوآله وأميرهم غالب العبسي (٢) فهربوا و
__________________
(١) النساء : ٩٧.
(٢) كذا في النسخ وفي بعضها « البستي » خ ل والمذكور في الإصابة المذيل بالاستيعاب ج ٣ ص ١٨١ غالب بن عبد الله بن مسعر بن جعفر بن كليب بن عوف بن كعب بن عامر بن ليث بن بكر بن عبد مناة الكلبي ثم الليثي ، بعثه رسول الله صلىاللهعليهوآله سنة خمس في ستين راكبا إلى بني الملوح بالكديد وأمره أن يغير عليهم فخرج الحديث.
وقال ابن إسحاق ( ج ٢ ص ٦٢٢ من سيرته ) : بعث رسول الله صلىاللهعليهوآله غالب بن عبد الله الكلبي إلى أرض بنى مرة فأصاب بها مرداس بن نهيك حليفا لهم من