الثانية ( وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِباطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللهُ يَعْلَمُهُمْ وَما تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ ) (١).
الإعداد والاستعداد بمعنى واحد قوله « مِنْ قُوَّةٍ » أي ما هو سببها وسبب الانتصار على عدوّكم من العدد والعدد والآية صريحة في الأمر بالرباط وهو حفظ الثغر من هجوم العدوّ [ أ ] وإرهابه ولذلك قال « تُرْهِبُونَ » وكأنّه جواب سؤال مقدّر تقديره لم نعدّ لهم ما استطعنا والعدوّ غائب عنّا؟ فأجاب بأنّ إعداد القوّة لأجل الترهيب لا القتال حتّى يشترط حضوره ويحتمل أن يكون حالا من « أَعِدُّوا » أي [ أعدّوا ] مرهّبين به من الترهيب وهو الإخافة والضمير في « بِهِ » يرجع إلى ما استطعتم و « عَدُوَّ اللهِ » قيل هم أهل مكّة لأنّها في حال حرب قريش وفيه ما فيه لما عرفت من أنّ خصوص السّبب لا يقتضي خصوص الحكم بل هو عامّ في كلّ عدوّ لله.
« وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ » قيل هم بنو قريظة وقال السدّيّ أهل فارس وقال الحسن هم المنافقون وهو أجود لقوله « لا تَعْلَمُونَهُمُ اللهُ يَعْلَمُهُمْ » وليس بعيدا أن يكون إشارة إلى البغاة لأنّ الضمير في « مِنْ دُونِهِمْ » عائد إلى « عَدُوَّ اللهِ » وقال الطبرسيّ إنّهم الجنّ أي الكفرة منهم وقد ورد أنّ صهيل الخيل يؤذيهم وهنا فوائد.
١ ـ قيل المراد بالقوّة الرمي رواه عقبة بن عامر عن النبيّ صلىاللهعليهوآله وعن عكرمة هي الحصون وفسّر ابن سيرين الحصون بالخيل وقيل له : رجل أوصى بثلث ماله في الحصون فقال يشترى به خيل وتربط في سبيل الله يغزى عليها فقيل له إنّما أوصى في الحصون فقال ألم تسمع قول الشاعر « إنّ الحصون الخيل لا مدر القرى » وفيه ركاكة فإنّ إطلاق الحصون على الخيل مجاز ولا يصرف اللّفظ إليه إلّا لقرينة ولا قرينة ظاهرة هنا.
__________________
(١) الأنفال : ٦١.