إذ الأمر حقيقة في الوجوب والإجماع يؤيّده وفي وصفه بالأذى وترتيبه الحكم عليه بالفاء إشعار بأنّه العلّة. وفي كيفية الاعتزال عندهم خلاف فقال محمّد بن الحسن كما قلناه إنّه القبل وقال أبو حنيفة وأبو يوسف والشافعي هو ما اشتمل عليه الإزار.
روي أنّ أهل الجاهليّة كانوا لا يؤاكلونها ولا يشاربونها ولا يساكنونها في البيت كفعل اليهود والمجوس فلمّا نزلت الآية أخذ المسلمون بظاهرها ففعلوا كذلك فقال أناس من الأعراب : يا رسول الله البرد شديد والثياب قليلة فان آثرناهنّ بالثّياب هلك سائر أهل البيت وإن استأثرناها هلكت الحيض فقال عليهالسلام : إنّما أمرتكم أن تعتزلوا مجامعتهنّ إذا حضن ولم آمركم بإخراجهنّ كفعل الأعاجم.
وقيل : إنّ النّصارى كانوا يجامعونهنّ ولا يبالون بالحيض واليهود كانوا يعتزلونهنّ في كلّ شيء فأمر الله تعالى بالاقتصاد بين الأمرين.
٥ ـ اختلف في مدّة زمان الاعتزال وغايتها فقال الشافعيّ حتّى تغتسل ويحتجّ بأنّه جمع بين القرائتين ولقوله ( فَإِذا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ ) فعنده لا يجوز وطيها حتّى تطهر وتتطهّر. وقال أبو حنيفة بالجمع بين القرائتين (١) بأنّ له أن يطأها في أكثر
__________________
كان المستحب الّا يقربها الّا بعد الغسل ومنهم من قال إذا انقطع دمها فاغتسلت حلّ وطيها عن الشافعي ومنهم من قال إذا كان حيضها عشرا فنفس انقطاع الدّم يحلّلها للزّوج وان كان دون العشرة فلا يحلّ وطيها إلّا بعد الغسل أو التيمّم أو مضىّ وقت الصلاة عليها عن أبي حنيفة.
(١) قد أشرنا في بعض الحواشي السّابقة إلى إجمال البحث في القرائات المختلفة وعدم تواترها ونرشدك الان إلى مراجعة رسالة نفيسة أدرجها صاحب مفتاح الكرامة في مباحث القراءة ص ٣٩٠ الى ٣٩٦ من كتاب الصّلوة المجلّد الأوّل لا يستغنى الفقيه عن مراجعتها فراجع وانّ للعلامة آية الله السيد ابى القاسم الخويي دام ظلّه في مقدّمة كتابه البيان في التفسير بيانا تامّا في اسناد القراءات والخدشة في كلّها مستدلّا فراجعه من ص ٩٢ الى ص ١١٥ فإنّه مفيد جدّا.
ونزيدك بيانا في عدم التّواتر واللّزوم للقرائات السّبع : انّه لم يكن عرفت في الأمصار الإسلاميّة ، حين بدء العلماء يؤلّفون في القراءات ، والسّابقون منهم كأبي عبيد