هو ظاهر ، أمّا قوله تعالى ( وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ ) (١) فالمراد به الحنطة والشعير والحبوب (٢) وهو مرويّ عن الصادق عليهالسلام (٣) وسيأتي تمام البحث
__________________
(١) المائدة : ٥.
(٢) والانصاف انّ هذه الآية لا تدلّ على طهارتهم ولتوضيح المرام نقول : قال المحقق الخراساني في مبحث الإطلاق « انّه يمكن أن يكون للمطلق جهات عديدة كان يكون واردا في مقام البيان من جهة منها وفي مقام الإهمال أو الإجمال من اخرى فلا بدّ في حمله على الإطلاق بالنسبة إلى جهة من كونه بصدد البيان من تلك الجهة ولا يكفى كونه بصدده من جهة أخرى إلّا إذا كان بينهما ملازمة عقلا أو شرعا أو عادة ».
وهذا الكلام متين ولأجله قالوا : لا يصحّ التّمسك بالإطلاق في قوله تعالى ( فَكُلُوا مِمّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ ) لإثبات طهارة موضع عضّ الكلب إذ الآية واردة في مقام بيان الحلية من حيث التّذكية ولا ترتبط بحيثيّة الطّهارة والنّجاسة.
وكذا نقول في هذه الآية انّها واردة في مقام بيان الحليّة من جهة إضافة الطّعام إليهم إضافة الملك بقرينة « وَطَعامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ » لا اضافة العمل والمباشرة المؤدّية إلى سراية النّجاسة وهل تراك تقول بحليّة طعامهم ولو كان لحم خنزير أو مغصوبا بإطلاق الآية.
(٣) تفسير العيّاشي ج ١ ص ٢٩٦. وهذا التّفسير الصّادر عن أهل البيت موافق لما ذكره أهل اللّغة فنقل ابن الأثير عن الخليل انّ الطعام في كلام العرب هو البرّ خاصة وقال الفيومي : إذا أطلق أهل الحجاز لفظ الطّعام عنوا به البرّ خاصّة. وقال ابن فارس في مقاييس اللّغة ( ج ٣ ) كان بعض أهل اللّغة يقول الطّعام هو البرّ خاصّة وذكر حديث ابى سعيد كما في تيسير الوصول ( ج ٢ ص ١٢٣ ) قال كنّا نخرج صدقة الفطرة على عهد رسول الله صاعا من طعام أو صاعا من شعير أو صاعا من تمر. أخرجه السّتة ، وقال الرّاغب : وقد اختصّ بالبرّ فيما روى أبو سعيد ، ونقل الشّوكانى في ج ٤ ص ١٩٢ عن الخطابي وغيره انّ المراد بالطّعام هنا الحنطة وانّه اسم خاصّ به وقد كانت تستعمل في الحنطة عند الإطلاق حتى إذا قيل اذهب الى سوق الطّعام فهم سوق القمح.
وإذا راجعت شرح الموطإ للزّرقانى ( ج ٢ ص ١٤٩ ) وشرح فتح القدير لابن همام الحنفي ( ج ٢ ص ٣٦ ـ ٤٠ ) وكتب التفاسير في ذيل الآية ، والآية ١٨٤ من البقرة ( فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ ) والآية ٩٥ المائدة ( كَفّارَةٌ طَعامُ مَساكِينَ ) والآية ١٤ في عبس ( فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ إِلى طَعامِهِ ) تجد صدق ذلك. وسيوافيك تمام الكلام مشروحا في الأطعمة إنشاء الله.