والدّلوك الزّوال نصّ عليه الجوهريّ من الدّلك لأنّ النّاظر إليها يدلك عينيه ليدفع شعاعها وقيل الغروب وتمسّك بقول الشاعر :
هذا مقام قدمي رباح |
|
دبّب حتّى دلكت براح (١) |
وبراح علم للشّمس كقطام وحذام لمرأتين والحقّ أنّه لا دلالة فيه على المدّعى لاحتمال إرادة زوالها وكذا على الرّواية الأخرى « غدوة حتّى دلكت براح » وعلى تقدير الدّلالة لا ينافي كونه بمعنى الزوال لاحتمال الاشتراك.
والغسق أوّل ظلمة اللّيل وذلك حين يغيب الشّفق ولذلك قال الجوهريّ :الغاسق اللّيل إذا غاب الشّفق وقيل غسق اللّيل شدّة ظلمته وذلك إنّما يكون في نصف اللّيل والتهجّد تكلّف السّهر للصّلاة والتهجّد والهجود من أسماء الأضداد لأنّهما يأتيان بمعنى النّوم والسّهر وفي الآية أحكام (٢) :
١ ـ إذا حمل الدّلوك على الغروب خرج الظّهران والأولى حمله على الزّوال
__________________
(١) هذا البيت للرّاجز يصف رجلا استقى للإبل الى أن غابت الشّمس واستشهد به أبو عبيدة في مجاز القرآن والطّبري والشّيخ الطّوسي قدسسره في التّبيان والضبط « غدوة حتى دلكت » وكذا في الجمهرة ج ١ ص ٢١٨ وفي الصّحاح واللّسان « برح » والمنقول عن الفرّاء في فتح القدير للشّوكانى وأحكام القرآن لابن العربي في تفسير الآية « ذبب حتى دلكت » وفي مجمع البيان « للشّمس حتى دلكت » وفي تفسير الإمام الرّازي « وقفت حتى دلكت » وذبب بمعنى دفع وعليه فالمتناسب قراءة براح بكسر الباء كما قال العجاج :
والشّمس قد كادت تكون دلفا |
|
أدفعها بالرّاح كي تزحلفا |
فأخبر أنّه يدفع شعاعها لينظر الى مغيبها بالرّاحة. ومن قرأ براح بفتح الباء فالمراد به الشّمس سمّيت بذلك لانتشارها وعلى هذه الرّواية يكون « ذبب » بمعنى طرد النّاس.
(٢) وقد استدلّ بالاية لجواز الجمع بين الصّلاتين ولم يذكره المصنّف في أحكام الآية الّا اشعارا من حيث اتّساع الوقت الّذي لازمه جواز الجمع وتنقيح البحث :
انّه قد أجمع أهل القبلة على جواز الجمع للحجّاج بين الظهر والعصر بعرفة ويسمّونه جمع تقديم وبين المغرب والعشاء بمزدلفة ويسمّونه جمع تأخير وانّه من السّنن