ولا إلى قبلة النّصارى وهو المشرق فإنّ اليمين والشّمال مضلّة لأنّ التوجّه إليهما مظنّة أنّ العبادة للشّمس وفي الآية دلالة على جواز النّسخ ووقوعه.
الثّانية ( وَما جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْها إِلّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كانَتْ لَكَبِيرَةً إِلّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللهُ وَما كانَ اللهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ إِنَّ اللهَ بِالنّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ ) (١)
هنا فوائد :
١ ـ « وَما جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ » يحتمل وجهين :أحدهما أنّه ضمن الجعل معنى التّحويل أو أنّه من باب إطلاق العامّ على الخاصّ والمراد وما حوّلنا إذ التحويل جعل أيضا وهذا بناء على أنّه صلىاللهعليهوآله كان يتوجّه في مكّة قبل هجرته إلى البيت المقدّس كما نقلناه عن الصّادق عليهالسلام ورواه ابن عبّاس إلّا أنّه كان يجعل الكعبة بينه وبين بيت المقدس في الصّلاة وثانيهما أنّ الموصوف محذوف والتقدير وما جعلنا القبلة الجهة الّتي كنت عليها وهي الكعبة ويكون « الَّتِي كُنْتَ عَلَيْها » هو المفعول الثّاني « لَجَعَلْنا » لا أنّه صفة للقبلة كما قيل وهذا بناء على أنّه كان يصلّي بمكّة إلى الكعبة كما قاله بعض المفسّرين وإنّما صلّى إلى الصخرة في المدينة تألّفا لليهود فالمخبر به على الأوّل المنسوخ وعلى الثّاني النّاسخ والأوّل أصحّ لأنّه قول علماء أهل البيت عليهمالسلام.
٢ ـ « إِلّا لِنَعْلَمَ » (٢) ضمّن العلم معنى التّمييزأي لنتميّز بالعلم فانّ العلم صفة
__________________
(١) البقرة : ١٤٣.
(٢) قال الطّبرسي في مجمع البيان : في معنى قوله تعالى ( لِنَعْلَمَ ) أقوال : أوّلها أن معناه ليعلم حزبنا من النّبي صلىاللهعليهوآله والمؤمنين كما يقول الملك فتحنا بلد كذا وفعلنا كذا ، أى فتح أولياؤنا. والثّاني أنّ معناه ليحصل المعلوم موجودا وتقديره لنعلم انّه موجود ، ولا يصحّ وصفه بأنّه عالم بوجود المعلوم قبل وجوده والثّالث أنّ معناه