فيقدّر لفظ يعمّ الجميع وهو هنا الانتفاع وفيه نظر لأنّا نسلّم أنّه لا بدّ من تقدير لكنّ الذّهن يسبق عند الإطلاق إلى تقدير ما يراد من تلك الذّوات كما يسبق إلى الذّهن من إطلاق ( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ ) (١) تحريم النّكاح فعلى الأوّل تقدير الآية حرّمت عليكم وجوه الانتفاعات بالميتة فيدخل في ذلك لبس جلدها واستعمالها بسائر وجوه الاستعمال سواء دبّغ أولا (٢) ويؤيّده قول الباقر عليهالسلام وقد سئل عن جلد
__________________
(١) النّساء : ٢٢.
(٢) اختلف فقهاء الإسلام في حكم دباغ جلد الميتة على سبعة أقوال :
القول الأوّل : أنه لا يطهر مطلقا وهو المشهور من مذهب الإماميّة لو لم يكن عليه الإجماع ويشهد له رواية أبي بصير المرويّة في الوسائل في الباب ٦١ من أبواب لباس المصلّى ح ١ : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن الصّلاة في الفراء فقال عليهالسلام كان علىّ بن الحسين عليهالسلام رجلا صردا لا يدفؤه فراء الحجاز لانّ دباغها بالقرظ فكان يبعث الى العراق فيؤتى مما قبلكم بالفرو فيلبسه فإذا حضرت الصّلاة ألقاه وألقى القميص الذي عليه وكان يسأل عن ذلك فيقول : ان أهل العراق يستحلون لباس الجلود الميتة ويزعمون أنّ دباغه ذكاته.
وخبر عبد الرّحمن بن الحجّاج المرويّة في الوسائل الباب ٦١ من أبواب النّجاسات ح ٤ : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام انّى أدخل سوق المسلمين أعنى هذا الخلق الّذين يدعون الإسلام فأشتري منهم الفراء للتّجارة فأقول لصاحبها أليست هي ذكيّة؟ فيقول : بلى ، فهل يصلح لي أن أبيعها على أنّها ذكيّة؟ فقال : لا ، ولكن لا بأس أن تبيعها وتقول : قد شرط لي الّذي اشتريتها منه أنّها ذكيّة ، قلت : وما أفسد ذلك؟ قال استحلال أهل العراق للميتة وزعموا أن دباغ جلد الميتة ذكائة ثم لم يرضوا أن يكذبوا في ذلك الّا على رسول الله صلىاللهعليهوآله.
وأنت خبير بما في الروايتين من اضطراب المتن مع قطع النظر عن السّند ، أليس فيهما جواز البيع وبيع الميتة ممنوع نصّا وفتوى إجماعا منقولا ومحصّلا. أليس المأخوذ من يد المسلم محكوما بالتّذكية وقد نصّ الإمام في صحيح البزنطي : ليس عليكم المسألة انّ أبا جعفر كان يقول : أنّ الخوارج ضيّقوا على أنفسهم بجهالتهم انّ الدّين أوسع من ذلك؟ وكيف يمكن اسناد لبس الفراء الى الامام وهو متحرّز.
فمع صحّة الرّوايتين لا بدّ من حمل الاولى على الاحتياط الاستحبابيّ أو الكراهة