أدخلت على ابن زياد وهو يتغذى ورأس أبي بين يديه ، فقلت : اللهم لا تمتني حتى تريني رأس ابن زياد وأنا أتغدى ، فالحمد لله الذي أجاب دعوتي. ثم أمر فرمي به ، فحمل إلى ابن الزبير ، فوضعه ابن الزبير على قصبة ، فحركتها الريح فسقط ، فخرجت حية من تحت الستار فأخذت بأنفه ، فأعادوا القصبة فحركتها الريح فسقط ، فخرجت الحية فأزمت (١) بأنفه ، فعل ذلك ثلاث مرات ، فامر ابن الزبير فالقي في بعض شعاب مكة.
قال : وكان المختار رحمهالله قد سئل في أمان عمر بن سعد بن أبي وقاص ، فأمنه على أن لا يخرج من الكوفة فإن خرج منها فدمه هدر. قال : فأتى عمر بن سعد رجل فقال : إني سمعت المختار يحلف ليقتلن رجلا ، والله ما أحسبه غيرك. قال : فخرج عمر حتى أتى الحمام فقيل له : أترى هذا يخفى على المختار؟ فرجع ليلا فدخل داره ، فلما كان الغد غدوت فدخلت على المختار ، وجاء الهيثم بن الأسود فقعد ، فجاء حفص ابن عمر بن سعد ، فقال للمختار : يقول لك أبو حفص : أنزلنا بالذي كان بيننا وبينك قال : اجلس ، فدعا المختار أبا عمرة ، فجاء رجل قصير يتخشخش (٢) في الحديد فساره ، ودعا برجلين فقال : اذهبا معه ، فذهب فوالله ما أحسبه بلغ دار عمر بن سعد حتى جاء برأسه ، فقال المختار لحفص : أتعرف هذا؟ فقال : إنا لله وإنا إليه راجعون ، نعم. قال : يا أبا عمرة ألحقه به؟ فقتله. فقال المختار رحمهالله : عمر بالحسين ، وحفص بعلي بن الحسين ، ولا سواء.
قال : واشتد أمر المختار بعد قتل ابن زياد وأخاف الوجوه وقال : لا يسوغ لي طعام ولا شراب حتى أقتل قاتلة الحسين بن علي عليهالسلام وأهل بيته ، وما من ديني أترك أحدا منهم حيا. وقال : أعلموني من شرك في دم الحسين وأهل بيته ، فلم يكن يؤتونه برجل فيقولون هذا من قتلة الحسين أو من أعان عليه إلا قتله ، وبلغه أن شمر
__________________
(١) أزمه : عضه.
(٢) تخشخش السلاح : سمع له صوت عند اصطكاكه.