يومئذ واهية ، وتتغير فكأنها وردة كالدهان ، وتكون الجبال كثيبا (١) مهيلا بعدما كانت صما صلابا ، وينفخ في الصور فيفزع من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله ، فكيف من عصى بالسمع والبصر واللسان واليد والرجل والفرج والبطن ، إن لم يغفر الله له ويرحمه من ذلك اليوم؟ لأنه يقض ويصير إلى غيره ، إلى نار قعرها بعيد ، وحرها شديد ، وشرابها صديد ، وعذابها جديد ، ومقامعها حديد ، لا يفتر عذابها ولا يموت ساكنها ، دار ليس فيها رحمة ، ولا يسمع لأهلها دعوة.
واعلموا يا عباد الله أن مع هذا رحمة الله التي لا تعجز العباد ، جنة عرضها كعرض السماوات والأرض أعدت للمتقين ، لا يكون معها شر أبدا ، لذاتها لا تمل ، ومجتمعها لا يتفرق ، وسكانها قد جاوروا الرحمن ، وقام بين أيد يهم الغلمان ، بصحاف من الذهب فيها الفاكهة والريحان.
ثم اعلم يا محمد بن أبي بكر أني قد وليتك أعظم أجنادي في نفسي ، أهل مصر ، فإذا وليتك ما وليتك من أمر الناس فأنت حقيق أن تخاف منه على نفسك وأن تحذر فيه على دينك ، فإن استطعت أن لا تسخط ربك برضا أحد من خلقه فافعل ، فإن في الله عزوجل خلفا من غيره ، وليس في شئ سواه خلف منه ، اشتد على الظالم وخذ عليه ، ولن لأهل الخير وقربهم ، واجعلهم بطانتك وأقرانك ، وانظر إلى صلاتك كيف هي ، فإنك إمام لقومك ( ينبغي لك ) أن تتمها ولا تخففها ، فليس من إمام يصلي بقوم يكون في صلاتهم نقصان إلا كان عليه ، لا ينقص من صلاتهم شئ ، وتممها وتحفظ فيها ، يكن لك مثل أجورهم ، ولا ينقص ذلك من أجرهم شيئا.
وانظر إلى الوضوء ، فإنه من تمام الصلاة ، تمضمض ثلاث مرات ، واستنشق ثلاثا ، واغسل وجهك ثم يدك اليمنى ثم اليسرى ثم امسح رأسك ورجليك ، فإني رأيت رسول الله صلىاللهعليهوآله يصنع ذلك ، واعلم أن الوضوء نصف الايمان.
ثم ارتقب وقت الصلاة ، فصلها لوقتها ، ولا تعجل بها قبله لفراغ ، ولا تؤخرها
__________________
(١) في نسخة : سرابا.