فان كان خفيفا ، كالحمى التي ليست لازمة ولا مطبقة ، بل يكون بالنوبة في وقت دون وقت ، أو وجع الفرس والصداع (١).
وما أشبه ذلك ، فذلك لازم له لأنه كالصحيح ، فاما الحمى الثانية (٢) فإنما يسقط وجوب ذلك عليه في حال النوبة ـ ان كان فيها غير قادر ولا يتمكن من القيام بالحرب ـ فان لم يكن كذلك ، فحاله كحال الصحيح السليم كما قدمنا.
فاما العذر فان كان مرضا أو غيره مما قدمنا ذكره ، فقد مر ما فيه ، وان كان غير ذلك مثل ان يكون معسرا فينبغي تأمل حاله ، فان كان الجهاد وموضع الحرب قريبا من البلد الذي هو فيه وحوله ، فالجهاد واجب عليه ، ولا معتبر في سقوط ذلك عنه باعتباره (٣).
وان كان موضع ذلك بعيدا فينبغي النظر في حال هذه المسافة ، فإن كانت مما لا توجب قصر الصلاة فالجهاد واجب عليه ، وان كانت توجب القصر لم يجب عليه جهاده ، لان من شرط ذلك الزاد ونفقة الطريق ونفقة من تجب عليه نفقته الى حين رجوعه وثمن سلاحه ، فان لم يجد ذلك لم يجب الجهاد عليه لقوله سبحانه وتعالى ( وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ ما يُنْفِقُونَ حَرَجٌ ) (٤).
فان كانت المسافة أكثر من ذلك فليس يجب الجهاد عليه أيضا ، لأنه يحتاج في ذلك الى ما ليس بقادر عليه ، من زيادة على ما ذكرناه من النفقة والراحلة من الواجد ، لقوله : سبحانه ( وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذا ما أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لا أَجِدُ ما أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ ) (٥).
__________________
(١) الصداع : وجع الرأس عموما.
(٢) اى غير اللازمة.
(٣) وفي نسخة : « والمعتبر في سقوط ذلك عنه باعتباره » والظاهر ان الصحيح ما أثبتناه والمعنى : انه لا اعتبار في سقوط الجهاد عنه بالعسر ، لأنه قريب.
(٤) التوبة ، الاية ٩١.
(٥) التوبة ، الاية ٩٢.