فان كانت المصلحة في الخلع فلا بد أيضا ان يجتمعا لأنه عقد معاوضة يبذل أحدهما عنها ويقبل الأخر للزوج ، وان كانت المصلحة في الطلاق فليس يفتقر الى اجتماعهما ، لأن الذي من جهتها لا صنع له في الطلاق.
ويستحب ان يكون حكم الزوج من اهله وحكم المرأة من أهلها للظاهر (١) فان بعث من غير أهلها كان جائزا وينبغي ان يكون الحكمان ذكرين حرين عدلين ، ولهما الإصلاح من غير استئذان ، وليس لهما الفرقة بالطلاق وغيره الا بعد ان يستأذنا هما ، وقد ذكرنا في كتابنا « الكامل في الفقه » في هذا الموضع ، انه على طريق التوكيل ، والصحيح انه على طريق الحكم لأنه لو كان توكيلا لكان تابعا للوكالة وبحسب شرطها وإذا فوضا أمر الخلع والفرقة إلى الحكمين والأخذ لكل واحد منهما من صاحبه كان عليهما الاجتهاد فيما يريانه هذا فيما يتعلق بالشقاق أو الفراق.
واما فيما عدا هذا النوع من الحقوق مثل إثبات دين ، على صاحبه واستيفاء حقه منه وقبض ديونه ، فهذا توكيل لا مدخل للحكم فيه ، لأنه لا مدخل له في الشقاق بينهما ، وإذا غاب أحد الزوجين لم يكن للحكمين ان يفعلا شيئا ، لأنا وان أجزنا القضاء على الغائب فإنما يقضى عليه واما يقضى له فلا ، وهاهنا : لكل واحد منهما حق له ، وعليه فلم يجز.
وإذا غلب على عقل الزوجين أو أحدهما ، لم يكن لهما إمضاء شيء ، لأن زوال العقل يزيل حكم الشقاق ولو كان ذلك وكالة لأزاله أيضا.
وإذا شرط الحكمان شرطا كان مما يصلح في الشرع لزومه لزم ، وان كان مما لا يلزم مثل ان شرطا عليها ترك بعض النفقة أو القسم ، أو شرطا عليه ان لا يسافر بها
__________________
(١) اى ظاهر قوله تعالى ( فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِها ) لكن مقتضاه الوجوب فكأنه عدل عنه المصنف وغيره لحصول الغرض بالأجنبي أيضا أو لفهم العموم من النصوص كما قيل وكلاهما غير ظاهر فتعين الأهل إن أمكن ، أقوى كما اختاره ابن إدريس في السرائر ووافقه بعض المتأخرين.