وينبغي للحاكم ان يجلس في مكان بارز للناس مثل الصحراء ، أو رحبة (١) أو مكان واسع الا من ضرورة من مطر أو غيره فيجلس في بيته أو في المسجد وتتقدم إلى ثقة ليحفظ من جاء أولا ويضبط : قد جاء فلان أولا ، ثم فلان ، ثم فلان ، على هذا أبدا.
فإذا حكم (٢) الحاكم قدم الأول فالأول ، فإن كان عددهم قليلا يمكن الإقراع بينهم ، أقرع بينهم ، فمن خرج قرعته قدمه ، وان كثرت وتعذرت القرعة كتب الحاكم أسماءهم في رقاع وجعلها بين يديه ومد يده وأخذ رقعة بعد رقعة أخرى كما سبق.
فاذا قدم إنسانا بالسبق أو بالقرعة أو بالرقعة ، فحكم بينه وبين خصمه ، وفرغ منهما أمرهما بالقيام ، وقدم غيرهما. فان قال الأول : لي حكومة أخرى لم يلتفت اليه وقال له : قد حكمت بينك وبين خصمك بحكمك فاما ان تنصرف أو تصبر حتى افرغ من الناس فإنه لو قضى بينه وبين من يخاصمه ادى ذلك الى ان يستغرق المجلس لنفسه ، فلذلك لا يزاد على واحدة.
فإذا تقدم غيره فادعى فان شاء ادعى على المدعى عليه أولا وان شاء ادعى على المدعى الأول وان شاء ادعى المدعى عليه أولا على المدعى الأول ، فإنه يحكم بينهما لأنا إنما نعتبر الأول فالأول في المدعى واما في المدعى عليه فلا فاذا فرغ وبقي واحد حكم عليه وبين خصمه ، فان كان له من الحكومات أكثر من الواحد حكم في جميعها ، لأنه لا مزاحم له فيها ، اللهم الا ان يكون الأول قد جلس حتى يفرغ الناس فاذا حكم بين الأخير وخصمه حكومة قدم الأول ، لأنه لهذا جلس.
وإذا حضر اثنان فادعى أحدهما على الأخر ، فقال المدعى عليه : انا المدعى وهذا المدعى عليه ، لم يلتفت الحاكم الى ذلك ، وقال له : أجب عن دعواه ، فاذا
__________________
(١) رحبة المكان : اى ساحته وصحنه
(٢) في نسخة « حضر » بدل « حكم »