وان لم يقر بالحق وأنكرها فقال : لا حق لك قبلي ، كان هذا موضع البينة فإن كان المدعى لا يعرف له موضع البينة ، كان للحاكم ان يقول له : ألك بينة فان كان عارفا بأنه وقت البينة ، فالحاكم مخير بين ان يسكت أو يقول له ألك بينة ، فاذا قال ألك بينة ، فان لم يكن له بينة ، عرفه الحاكم بان لك يمينه ، فاذا عرف ذلك لم يكن للحاكم ان يستحلفه بغير مسألة المدعي اليمين حق له فليس له ان يستوفيه الى (١) مطالبته مثل نفس الحق فان لم يسأله واستحلفه من غير مسألة لم يعتد بهذه اليمين لأنه اتى بها في غير وقتها ، فان لم يعتد بها أعادها عليه بمسألة المدعي.
فإذا عرض عليه اليمين ، فإن أجاب إليها وحلف ، أسقط الدعوى ولم يكن لخصمه ان يستحلفه مرة أخرى ، لا في هذا المجلس ولا في غيره فإن سأله الحالف ان يكتب له بما جرى محضرا لئلا يدعيه مرة أخرى ، فعليه ان يكتب له ذلك يكون حجة في يده.
فان لم يحلف قال له الحاكم : ان حلفت ، والا جعلتك ناكلا ورددت اليمين على خصمك فيحلف فيستحق عليك ، يقول هذا ثلاثا ، فان سأل الحاكم ان يكتب له محضرا بما جرى فعل ذلك هذا إذا لم يكن بينة.
فان كانت بينة فكانت حاضرة ، لم يقل الحاكم : أحضرها ، لأنه حق له فله ان يفعل ما يرى ، فاذا حضرا لم يسأل الحاكم عما عندهما حتى يسأله المدعي ذلك لأنه حق له فلا يتصرف فيه بغير أمره ، فإذا كان لا بد من سؤال المدعي للاستماع منهما لم يقل الحاكم لهما : اشهدا ، لأنه أمر ، والحاكم لا يأمرهما ، الا انه يقول : تكلما إن شئتما ، من كان عنده كلام فليذكره ان شاء ، فاذا قالا ما عندهما. فاما ان يكون ما اقاماه من الشهادة فاسدا أو صحيحا ، فان كان فاسدا مثل ان قالا : بلغنا ان له عليه ألفا ، أو قالا ، سمعنا بذلك ، قال له الحاكم : زدني في شهودك فيرد شهادتهما بذلك.
فان شهدا عنده بالحق شهادة صحيحة ، لم يحكم له الحاكم حتى يسأل الحاكم
__________________
(١) في نسخة « ألا بمطالبته »