لم يكن قبضه لها صحيحا ، وان رجع الواهب بعد القبض كان الهبة صحيحة ، ولزم العقد ، ولم ينفعه رجوعه بعد ذلك.
وإذا قال وهبت لك هذا الشيء ، وقبل الهبة وأقبضته إياها ، كان العقد صحيحا ولزم بإقراره ، ولا فرق في ذلك بين ان تكون الهبة في يد الواهب ، أو في يد الموهوب له ، لان كونه في يد الواهب لا يدل على انه ما أقبضه ، من حيث انه يجوز ان يكون أقبضه ، ثم رجع اليه بسبب آخر ، فان قال بعد ذلك ما كنت أقبضته إياها ، وانما كنت ، وعدته بالقبض ، لم يقبل رجوعه عن إقراره. لأنه يكذب نفسه فيما تقدم من إقراره ، فإن أراد يمينه على انه كان أقبضه كان له ذلك.
وإذا قال وهبت له هذا الشيء وخرجت اليه منه ، لم يكن ذلك صريحا في القبض ، فان كان في يد الموهوب له ، كان ذلك جائزا : وإقرارا بالقبض ، ويكون ذلك امارة على انه أراد به القبض ، وان كان في يد الواهب لم يلزمه الإقرار بالقبض ، ويكون معنى قوله « خرجت اليه منه » انه اذن له في القبض ، ولم يقبض ذلك بعد ، وإذا قال الموهوب له « وهبت لي هذا الشيء وأقبضتنيه وملكته » فقال له الواهب « نعم » كان ذلك إقرارا بلزوم الهبة ، فكأنه قال وهبت لك ، واقبضتكه ، وملكته ، لان لفظة نعم يرجع الى جميع ذلك على وجه التصديق ، ولهذا لو قال إنسان « لي عليك الف درهم » فقال « نعم » يلزمه الف درهم.
وإذا وهب إنسان شيئا لاثنين فقبلا ذلك ، وقبضاه تمت الهبة في الجميع ، وان قبل أحدهما وقبض ، تمت الهبة في حقه دون صاحبه ، لأنه بمنزلة العقدين ، لان العقد الواحد مع الاثنين بمنزلة العقدين والصفقتين إذا انفردتا.
« ما هي النحلة »
واما النحلة فهي العطية وهي للولد وذوي الرحم والقرابة أفضل ، ويستحب إذا اعطى الإنسان ولده ان يقسم بينهم ، ويسوى بين جميعهم ، ولا يفضل بعضهم على بعض ، سواء كانوا ذكورا أو إناثا أو ذكورا وإناثا ، فإن خالف ذلك وفضل