ولو قال : له من ميراث أبي ألف درهم ، كان ذلك إقرارا بدين في تركته.
وهكذا لو قال : داري هذه لفلان ، لم يكن ذلك إقرارا ، لمثل ما قدّمناه ، لأنّ هذا مناقضة ، كيف يكون داره لفلان في حال ما هي له.
ولو قال : هذه الدار ، ولم يضفها إليه ، بل قال : هذه الدار التي هي في يدي ، أو هذه الدار لفلان من غير إضافة إليه ، كان إقرارا ، لأنّها قد تكون في يده بإجارة ، أو عارية ، أو غصب.
فأمّا إذا قال : هذه داري ، أو داري لفلان بأمر حقّ ثابت ، كان إقرارا أيضا صحيحا ، لأنّ قوله : بأمر حق ثابت ، يجوز أن يكون له حق ، وجعل داره في مقابلة ذلك الحق ، وإن كان قد أضافها إلى نفسه.
ويصح الإقرار المطلق للحمل ، لأنّه يحتمل أن يكون من جهة صحيحة ، مثل ميراث أو وصية ، لأنّ الميراث يوقف له ، وتصح الوصية عندنا للحمل ، فالظاهر من الإقرار الصحة ، فوجب حمله عليه.
ومن أقرّ بدين في حال صحته ، ثمّ مرض ، فأقر بدين آخر في حال مرضه صحّ ، ولا يقدّم دين الصحة على دين المرض ، بل هما سواء ، ولا يكلّف من أقرّ له في حال المرض ، إقامة بيّنة على أنّ إقراره له عن حقّ كان له عليه ، سواء كان مرضيا موثوقا بعدالته ، أو غير موثوق بعدالته ، متهما على الورثة ، أو غير متّهم ، ويعطى من أصل المال ، دون الثلث ، مثل الدين الذي أقرّ به في حال صحته ، لا فرق بينهما ، إذا كان عقله ثابتا عليه ، لأنّا قد بينا أنّ إقرار العقلاء الغير المولى عليهم ، جائز على نفوسهم ، والدليل على ذلك قوله تعالى ( مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِها أَوْ دَيْنٍ ) (١) من غير فصل ، لأنّ الأصل تساويهما في الاستيفاء من حيث تساويا في الاستحقاق ، فعلى من ادّعى تقديم أحدهما على الآخر الدليل.
__________________
(١) النساء : ١١ و ١٢.