الله قد أحل ذبائحهم وقد علم ما يقولون .. وقال القاسم بن محيمرة كل من ذبيحته وإن قال باسم جرجس وهو قول ربيعة ويروى ذلك عن صحابيين أبي الدرداء وعبادة بن الصامت .. وأصحاب القول الثاني يقولون هو استثناء وحلال أكله .. وأصحاب القول الثالث يقولون إذا سمعت الكتابي يسمي غير الله فلا تأكل وقال بهذا من الصحابة علي بن أبي طالب كرم الله وجهه وعائشة وابن عمر وهو قول طاوس والحسن وقال مالك بن أنس أكره ذلك ولم يحرمه واختلفوا أيضا في ذبائح نصارى بني تغلب وأكثر العلماء يقولون هم بمنزلة النصارى تؤكل ذبائحهم وتتزوج المحصنات من نسائهم وممن قال هذا ابن عباس بلا اختلاف عنه .. وقال آخرون لا تؤكل ذبائحهم ولا يتزوج فيهم لأنهم عرب وإنما دخلوا في النصرانية فممن روي عنه هذا علي بن أبي طالب كرم الله وجهه كما قرأ عليّ .. أحمد بن محمد بن الحجاج عن يحيى بن سليمان قال حدثنا حفص بن غياث قال حدثنا أشعث بن عبد الملك عن الحسن قال ما علمت أحدا من أصحاب محمد صلىاللهعليهوسلم حرم ذبائح بني تغلب الا علي بن أبي طالب رضياللهعنه .. [ قال أبو جعفر ] وهذا قول الشافعي وعارض محمد بن جرير بأن الحديث المروي عن علي بن أبي طالب رضياللهعنه الصحيح أنه قال لا تأكلوا ذبائح بني تغلب ولا تتزوجوا فيهم فإنهم لم يتعلقوا من النصرانية إلا بشرب الخمر قال فدل هذا على أنهم لو كانوا على ملة النصارى في كل أمورهم لأكلت ذبائحهم وتزوج فيهم .. قال وقد قامت الحجة على أكل ذبائح النصارى والتزوج فيهم وهم من النصارى وقد احتج ابن عباس في ذلك فقال قال الله تعالى ( وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ) (١) فلو لم يكن بنو تغلب من النصارى إلا بتوليهم إياهم لأكلت ذبائحهم .. فأما المجوس فالعلماء مجمعون إلا من شذ منهم ان ذبائحهم لا تؤكل ولا يتزوج فيهم لأنهم ليسوا أهل كتاب وقد بين ذلك رسول الله صلىاللهعليهوسلم في كتابه إلى كسرى فلم يخاطبهم بأنهم أهل كتاب وخاطب قيصر بغير ذلك فقال ( يا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ ) (٢) الآية وقد عارض معارض بالحديث المروي عن عبد الرحمن بن عوف أنه قال لعمر بن الخطاب رضياللهعنه في المجوس سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول أنزلوهم منزلة أهل الكتاب .. [ قال أبو جعفر ] وهذا الحديث لا حجة فيه من جهات إحداها أنه قد غلط في متنه وأن إسناده غير متصل ولا تقوم به حجة وهذا الحديث حدثناه .. بكر بن سهل قال حدثنا عبد الله بن يوسف قال أنبأنا مالك عن جعفر بن محمد عن أبيه قال قال عمر بن الخطاب رضياللهعنه ما أدري كيف أصنع في أمر المجوس
__________________
(١) سورة : المائدة ، الآية : ٥١
(٢) سورة : آل عمران ، الآية : ٦٤