سهل قال حدثنا يحيى بن غيلان ثقة مأمون قال حدثنا يزيد بن زريع عن سليمان التيمي عن أنس قال .. إنما سمل رسول الله صلىاللهعليهوسلم أعين أولئك لأنهم سملوا أعين الرعاء .. [ قال أبو جعفر ] وهذا أحسن حديث روي في هذا الباب وأغربه وأصحه وفيه حجة للشافعي في القصاص فأما الحديث الأول فيحتج به من جعل الآية ناسخة وفيه من الغريب قوله واجتووا المدينة قال أبو زيد اجتويت البلاد إذا كرهتها وإن كانت موافقة لك في بدنك واشتويتها اذا لم تكن توافقك في بدنك وإن كنت محبا لها وفيه وسمل أعينهم قال أبو عبيد السمل أن تفقأ العين بحديدة محماة أو بغير ذلك يقال سملتها أسملها سملا وقد يكون السمل بالشوك كما .. قال أبو ذؤيب يرثي بنين له ماتوا :
فالعين بعدهم كأن حداقها |
|
سملت بشوك فهي عور تدمع |
.. وبعض من يقول أنها محكمة غير ناسخة يقول الحكمان قائمان جميعا ويحتج بالحديث أن السمل كان قصاصا وهو أحسن ما قيل فيه وقال أبو الزناد لما فعل ذلك رسول الله صلىاللهعليهوسلم نهى ووعظ عن المثلة فلم يعد وقال غيره إنما فعل ذلك على الاجتهاد كما فعل بالغنائم حتى نزلت ( لَوْ لا كِتابٌ مِنَ اللهِ سَبَقَ ) (١) الآية وقال آخر لا يجوز أن يفعل النبي صلىاللهعليهوسلم شيئا من هذا وما أشبهه إلا بوحي منزل أو إلهام من الله تعالى له لقوله تعالى ( وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى ) (٢) ولفرضه طاعته وقال السدي إنما أراد أن يفعل فنهي عن ذلك وأمر بالحدود .. [ قال أبو جعفر ] وقد ذكرنا الحديث بغير ما قال وأما ما في الآية من قوله تعالى ( أو ) من اختلاف في تخيير الإمام أن يفعل أي هذه شاء ومن قول بعضهم بل ذلك على الترتيب فنذكر به ما تكمل به الفائدة في علم الآية إن شاء الله .. واختلف العلماء فيمن يلزمه اسم محاربة الله تعالى ورسوله صلىاللهعليهوسلم على خمسة أقوال .. فمنهم من قال المحارب لله ورسوله هو المشرك المعاند دين الله تعالى فأما من كان مسلما وخرج متلصصا فلا يلزمه هذا الاسم وهذا القول مروي عن ابن عباس وهو يروى عن الحسن وعطاء .. ومن العلماء من قال المحارب لله ولرسوله المرتد وهذا قول عروة بن الزبير كما قرئ عليّ .. عبد الله بن أحمد بن عبد السلام عن أبي الأزهر قال حدثنا روح بن عبادة عن ابن جريج قال أخبرني هشام بن عروة عن أبيه قال .. إذا خرج المسلّم فشهر سلاحه ثم تلصص ثم جاء تائبا أقيم عليه الحد ولو ترك لبطلت العقوبات إلا أن يلحق بلاد الشرك ثم يأتي تائبا ثانيا فيقبل منه .. وقال قوم
__________________
(١) سورة : الأنفال ، الآية : ٦٨
(٢) سورة : النجم ، الآية : ٣