باب
ذكر الآية الثانية
قال الله عز وجل ( فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ ) (١) الآية .. للعلماء في هذه الآية ثلاثة أقوال .. فمنهم من قال هي منسوخة وقال لا يحل قتل أسير صبرا وانما يمن عليه أو يفادى وقالوا الناسخ لها قوله تعالى ( فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً ) (٢) .. فممن قال هذا الحسن رواه عنه أشعب أنه كان يكره قتل الأسير صبرا وقال ( فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً ) .. وهذا قول الضحاك والسدي قال نسخ ( فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ ) قوله ( فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً ) وهو قول عطاء كما قرئ .. على أحمد بن محمد بن الحجاج عن يحيى بن سليمان قال حدثني ابن وهب قال أخبرني ابن جريج عن عطاء في قوله ( فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً ) قال هذا في الأسارى اما المن واما الفداء وكان ينكر القتل صبرا .. [ قال أبو جعفر ] فهذا قول .. ومن العلماء من قال لا يجوز في الأسارى من المشركين الا القتل ولا يجوز أن يؤخذ منهم فداء ولا يمن عليهم وجعلوا قوله ( فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ ) ناسخا لقوله ( فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً ) فاما السيف والقتل واما الاسلام .. والقول الثالث أن الآيتين جميعا محكمتان .. هو قول ابن زيد وهو قول صحيح لأن احداهما لا تنفي الأخرى قال ( فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ ) أي خذوهم أسرى للقتل أو المنّ أو الفداء فيكون الامام ينظر في أمور الأسارى على ما فيه من الصلاح من القتل أو المن أو الفداء .. وقد فعل هذا كله رسول الله صلىاللهعليهوسلم في حروبه فقتل عقبة بن أبي معيط والنضر بن الحارث أسيرين يوم بدر ومنّ على قوم وفادى بقوم .. [ قال أبو جعفر ] وحدثنا .. أحمد بن شعيب قال أنبأنا قتيبة قال أنبأنا مالك بن أنس عن ابن شهاب عن أنس أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم .. دخل مكة وعليه المغفر فقيل له ان ابن خطل متعلق بأستار الكعبة قال اقتلوه .. [ قال أبو جعفر ] فهذا في عداد الأسارى وقد أمر النبي صلىاللهعليهوسلم بقتله حدثنا .. أحمد بن محمد الأزدي قال حدثنا فهد بن سليمان قال حدثنا يوسف بن بهلول قال حدثنا عبد الله بن إدريس قال حدثني محمد بن إسحاق قال قال الزهري حدثني عبد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس أن العباس بن عبد المطلب حمل أبا
__________________
(١) سورة : التوبة ، الآية : ٥
(٢) سورة : محمد ، الآية : ٤