عوانة قال حدثنا الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس قال صلّى رسول الله صلىاللهعليهوسلم بمكة الى بيت المقدس والكعبة بين يديه وبعد ما هاجر الى المدينة ستة عشر شهرا ثم صرف الى الكعبة [ قال أبو جعفر ] قال وفي حديث البراء صلّى ستة عشر شهرا أو تسعة عشر شهرا. وروى الزهري عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك قال صرف النبي صلىاللهعليهوسلم الى الكعبة في جمادى الأخرى وقال ابن اسحاق في رجب وقال الواقدي في النصف من شعبان [ قال أبو جعفر ] أولاها بالصواب الأول لأن الذي قال به أجل ولأن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قدم المدينة في شهر ربيع الاول فاذا صرف في آخر جمادى الأخرى الى الكعبة صار ذلك ستة عشر شهرا كما قال ابن عباس .. وأيضا فاذا صلّى الى الكعبة في جمادى الاخرى فقد صلّى اليها فيما بعدها فعلى قول ابن عباس إن الله عز وجل كان أمره بالصلاة الى بيت المقدس ثم نسخه ..قال غيره بل نسخ فعله ولم يكن أمره بالصلاة الى بيت المقدس ولكن النبي صلىاللهعليهوسلم كان يتبع آثار الأنبياء قبله حتى يؤمر بنسخ ذلك .. وقال قوم بل نسخ قوله .. فأينما تولوا فثم وجه الله بالأمر بالصلاة الى الكعبة [ قال أبو جعفر ] أولى الاقوال بالصواب الأول وهو صحيح والذي يطعن في إسناده يقول ابن أبي طلحة لم يسمع من ابن عباس وإنما أخذ التفسير من مجاهد وعكرمة [ قال أبو جعفر ] وهذا القول لا يوجب طعنا لأنه أخذه عن رجلين ثقتين وهو في نفسه ثقة صدوق. وقد حدثني أحمد بن محمد الأزدي قال سمعت عليّ بن الحسين يقول سمعت الحسن بن عبد الرحمن بن فهم يقول سمعت أحمد بن حنبل يقول بمصر كتاب التأويل عن معاوية بن صالح (١) لو أن رجلا رحل الى مصر فكتبه ثم انصرف به ما كانت رحلته عندي تذهب باطلا .. فأما أن تكون الآية ناسخة لقوله تعالى ( فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ ) فبعيد لأنها تحتمل أشياء سنبينها في ذكر الآية الثانية.
باب
ذكر الآية الثانية من هذه السورة
قال الله تعالى ( وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ إِنَّ اللهَ واسِعٌ عَلِيمٌ ) (٢) .. وللعلماء في هذه ستة أقوال .. قال قتادة هي منسوخة وذهب الى أن المعنى
__________________
(١) قلت يتوجه ذكر هذا تعديلا من الإمام أحمد لابن أبي طلحة على أنه قال فيه له أشياء منكرات حكي ذلك عنه في الخلاصة والله أعلم.
(٢) سورة : البقرة ، الآية : ١١٥