دفن فما لبثنا الا ليالي حتى نزلت هذه الآية ( وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَماتُوا وَهُمْ فاسِقُونَ وَلا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ وَأَوْلادُهُمْ إِنَّما يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ بِها فِي الدُّنْيا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كافِرُونَ ) (١) قال فكان عمر رضياللهعنه يعجب من جراءته على رسول الله صلىاللهعليهوسلم في ذلك اليوم وما نزل في ذلك من القرآن .. [ قال أبو جعفر ] فقالوا في الحديث أنه صلىاللهعليهوسلم بعّد كلام عمر اياه وان كلام عمر قد أحمد منه بعد ذلك حتى قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم ما بعث الله نبيا قط الا وفي أمته محدّث فان يكن في أمتي محدّث فهو عمر فقيل معنى محدث ينطق عن لسانه الحق .. وفي حديث عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال لعمر رضياللهعنه ذلك اليوم إن الله لم ينهني عن الصلاة عليهم وانما خيّرني .. [ قال أبو جعفر ] في هذا الحديث التوقيف من رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن أو هاهنا للتخيير أعني في قوله ( اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ ) (٢) فإن قيل فكيف يجوز أن يستغفر صلىاللهعليهوسلم لمنافق .. فالجواب على هذا أن يستغفر له على ظاهره على أنه مسلّم وباطنه الى الله عز وجل .. وقد قيل ( وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً ) ناسخ لفعله صلىاللهعليهوسلم لا للآية الأخرى .. قد توهم بعض الناس أن قوله ( وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً ) ناسخ ولهذا كره العلماء أن يجترئ أحد على تفسير كتاب الله تعالى حتى يكون عالما بأشياء منها الآثار ولا خلاف بين أهل الآثار أن قوله ( وَصَلِّ عَلَيْهِمْ ) (٣) ليس هم الذين قيل فيهم ( وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً ) .. ويدلّك على ذلك أن بعد ( وَصَلِّ عَلَيْهِمْ أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ ) (٤) فكيف لا يصلي على من تاب وأهل التأويل يقولون نزلت ( وَصَلِّ عَلَيْهِمْ ) في أبي لبابة وجماعة منهم ربطوا أنفسهم في السواري لأنهم تخلفوا عن الغزوة غزوة تبوك الى أن تاب الله عليهم .. وقد ذكرت الآية التاسعة في الناسخ والمنسوخ.
__________________
(١) سورة : التوبة ، الآيتان : ( ٨٤ ـ ٨٥ )
(٢) سورة : التوبة ، الآية : ٨٠
(٣) سورة : التوبة ، الآية : ١٠٣
(٤) سورة : التوبة ، الآية : ١٠٤