سورة بني اسرائيل
بسم الله الرحمن الرحيم
حدثنا .. يموت باسناده عن ابن عباس قال نزلت سورة بني اسرائيل بمكة فهي مكية .. [ قال أبو جعفر ] فيها ثلاث آيات تصلح أن تكون في هذا الكتاب.
باب
ذكر الآية الأولى منها
قال الله عز وجل ( إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُما أَوْ كِلاهُما فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُما ) (١) الآية .. في هذه الآية ثلاثة أقوال .. من العلماء من قال في قوله ( وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُما كَما رَبَّيانِي صَغِيراً ) (٢) هو منسوخ لأن هذا مجمل ولا يجوز لمن كان أبواه مشركين أن يترحم عليهما .. ومنهم من قال يجوز هذا اذا كانا حيين فأما اذا ماتا فلم يجز .. ومنهم من قال لا يجوز أن يترحم على كل كافر ولا يستغفر له حيا كان أو ميتا والآية محكمة مستثنى منها الكفار حدثنا .. جعفر بن مجاشع قال حدثنا إبراهيم بن اسحاق قال حدثنا عبيد الله قال حدثنا يزيد عن سعيد عن قتادة ( وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُما كَما رَبَّيانِي صَغِيراً ) ولكن ليخفض لهما جناح الذل من الرحمة وليقل لهما قولا معروفا .. قال الله تعالى ( ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كانُوا أُولِي قُرْبى ) (٣) فنسخ هذا ( وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُما كَما رَبَّيانِي صَغِيراً ) .. والقول الثاني قول جماعة من أصحاب الحديث واحتجوا بحديث سعيد بن جبير عن ابن عباس قال لم يزل إبراهيم يستغفر لأبيه حتى مات فلما مات تبيّن له أنه عدو لله فتبرأ منه واحتجوا بحديث الزهري عن سهل بن سعد ان رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال اللهم اغفر لقومي فانهم لا يعلمون .. والقول الثالث يدل على صحة ظاهر القرآن .. قال الله تعالى ( ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كانُوا أُولِي قُرْبى ) وأيضا فان النبي صلىاللهعليهوسلم لم يزل من أوّل أمره يدعو الى الله ويخبر ان الله لا يغفر الشرك ومع هذا فيقول عليه الصلاة والسلام في النصارى وهم أهل كتاب لا تبدءوهم بالسلام واذا لقيتموهم في الطريق فاضطروهم الى أضيقه فكيف يستغفر لمن هذا حاله أو يبجل أو يعظم بالدعاء له
__________________
(١) سورة : اسرائيل ، الآية : ٢٣
(٢) سورة : اسرائيل ، الآية : ٢٤
(٣) سورة : التوبة ، الآية : ١١٣