أهل التأويل وأهل العربية كما قرئ .. على عبد الله بن أحمد بن عبد السلام عن أبي الأزهر قال حدثنا روح عن عثمان بن غياث عن عكرمة حتى تستأنسوا قال حتى تستأذنوا وقال هو التنحنح والتنخم .. [ قال أبو جعفر ] وأهل العربية يشتقونه من جهتين احداهما حتى تستأنسوا حتى تستعلموا. قال جلّ ثناؤه ( آنَسَ مِنْ جانِبِ الطُّورِ ناراً ) (١) .. والجهة الأخرى حتى تأنسوا بأن الذي تريدون الدخول عليه قد رضي دخولكم .. والذي ذكرناه عن ابن عباس من التقديم والتأخير حسن أي ( لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ ) لها أرباب وفيها سكان حتى تسلموا أو تستأذنوا فتقولوا السلام عليكم ادخل .. وما كان في معنى هذا من التنحنح والتنخم والإذن ( ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ ) من أن تدخلوا بغير اذن فتروا ما لا يجوز أن تروه وتعصوا الله ( لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ) ما يجب لله عليكم من طاعته فتلزمونه .. فهذه محكمة في حكم غير حكم الثانية .. والثانية قد تكلم في معناها العلماء كما قرئ .. على أحمد بن محمد بن الحجاج عن يحيى بن سليمان قال حدثنا أبو معاوية قال حدثنا الحجاج بن أرطاة عن سالم المكي عن محمد بن علي بن الحنفية في قوله ( لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيها مَتاعٌ لَكُمْ ) قال .. هي بيوت الخانات وبيوت الأسواق .. فأما قول عبد الرحمن بن زيد هي بيوت التجار والحوانيت في القيساريات والاسواق .. فقول مرغوب عنه لأن الحوانيت التي فيها متاع الناس لا يحل دخولها الا باذن صاحبها وان فتحها وجلس فيها لأن الناس احق بأملاكهم وأيضا فنص القرآن ( فِيها مَتاعٌ لَكُمْ ) وليس متاع التجار بمتاع للمخاطبين : وقد قال مجاهد هي بيوت كانت في طريق المدينة تضع الناس فيها امتعتهم فأذن لهم في دخولها بغير اذن .. [ قال أبو جعفر ] فاذا كانت هذه البيوت انما بنيت لهذا فهي مباحات لا يحتاج فيها الى اذن. ومن أجمع ما قيل في الآية قول جابر بن زيد في قوله تعالى ( لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيها مَتاعٌ لَكُمْ ) قال ليس يعني بالمتاع الجهاز ولكن سواه من الجادة. أما منزل ينزله قوم من ليل أو نهار أو خربة يدخلها الرجل لقضاء حاجة أو دار ينزل اليها فهذا متاع وكل الدنيا متاع .. [ قال أبو جعفر ] وهذا شرح حسن من قول إمام من أئمة المسلمين وهو موافق للغة والمتاع في كلام العرب المنفعة ومنه أمتع الله بك ومنه فمتعوهن فالمعنى على قوله ( لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيها مَتاعٌ لَكُمْ ) أي فيها منفعة لكم من قضاء حاجة أو دخول رجل الى دار يطلبها لشراء أو اجارة .. وما تقدم من قول العلماء سوى ابن زيد داخل في هذا.
__________________
(١) سورة : القصص ، الآية : ٢٩