سورة الفرقان
بسم الله الرحمن الرحيم
حدثنا .. يموت عن ابن عباس قال وسورة الفرقان نزلت بمكة فهي مكية .. [ قال أبو جعفر ] قال عز وجل ( وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً ) (١) .. من العلماء من قال هذا منسوخ وانما كان هذا قبل أن يؤمر المسلمون بحرب المشركين وليس سلاما من التسليم انما هو من التسلم تقول العرب سلاما أي سلما منك وهو منصوب على أحد أمرين يجوز أن يكون منصوبا بقالوا ويجوز أن يكون مصدرا وهو قول سيبويه وكلامه يدل على أن الآية عنده منسوخة .. [ قال أبو جعفر ] ولا نعلم لسيبويه كلاما في معنى الناسخ والمنسوخ الا في هذه الآية .. قال سيبويه وزعم أبو الخطاب أن مثله يعني مثل قولك الحمد لله مما ينتصب على المصدر قولك للرجل سلاما تريد تسلما منك كما قلت براءة منك أي لا أتلبس بشيء من أمرك .. قال وزعم أن أبا ربيعة كان يقول اذا لقيت فلانا فقل سلاما فسأله ففسر له معنى براءة منك قال وزعم أن هذه الآية ( وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً ) بمنزلة ذلك لأن الآية فيما زعم مكية ولم يؤمر المسلمون يومئذ أن يسلموا على المشركين ولكنه على قوله لا خير بيننا ولا شر .. [ قال أبو جعفر ] وزعم محمد بن يزيد أن سيبويه أخطأ في هذا وأساء العبارة لأنه لا معنى لقوله ولم يؤمر المسلمون أن يسلموا على المشركين وانما كان ينبغي أن يقول ولم يؤمر المسلمون يومئذ أن يحاربوا المشركين ثم أمروا بحربهم .. [ قال أبو جعفر ] كلام محمد بن يزيد يدل على أن الآية أيضا عنده منسوخة وانما جاز فيها أن تكون منسوخة لأن معناها معنى الأمر ( إذا خاطبكم الجاهلون فقولوا سلاما ) فعلى هذا يكون النسخ فيها فأما كلام سيبويه فيحتمل أن يكون معناه لم يؤمر المسلمون يومئذ أن يسلموا على المشركين ولكنهم أمروا أن يتسلموا منهم ويتبرءوا ثم نسخ ذلك بأمر الحرب .. وقد ذكرنا قوله عز وجل ( وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ ) (٢) إلى قوله ( إِلاَّ مَنْ تابَ ) .. وقول من قال هو منسوخ بقوله ( وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها ) (٣) في سورة النساء.
__________________
(١) سورة : الفرقان ، الآية : ٦٣
(٢) سورة : الفرقان ، الآية : ٦٨
(٣) سورة : النساء ، الآية : ٩٣