سورة سبإ وفاطر ويس والصافات
بسم الله الرحمن الرحيم
حدثنا .. يموت بإسناده عن ابن عباس أنهن نزلن بمكة إلا آية واحدة في الصافات ..قال تعالى ( فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قالَ يا بُنَيَّ إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ ) (١) الى تمام القصة .. للعلماء في هذه الآية ثلاثة أقوال .. فمنهم من قال هي منسوخة احتج بقوله ( قالَ يا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ ) (١) وان بعده ( وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ) (٢) وأجاز قائل هذا أن ينسخ الشيء قبل أن يعمل به .. واحتج بأن رسول الله صلىاللهعليهوسلم فرضت عليه وعلى أمته خمسون صلاة ثم نقلت الى خمس .. واحتج بقوله ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً ) (٣) وان بعده ( فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا ) (٤) الآية وبقوله تعالى ( الْآنَ خَفَّفَ اللهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً ) (٥) .. واحتج بقول الشافعي إن الله اذا فرض شيئا استعمل عباده منه بما أحب ثم نقلهم اذا شاء فهذا قول .. والقول الثاني أن هذا ما لا يجوز فيه نسخ لأنه أمر بشيء ليس بممتد فلا يجوز النسخ في مثل هذا لو قال قائل لرجل قم ثم قال لا تقم لكان هذا بدءا ولا يجوز أن يكون هذا من صفات الله تعالى أن يقال اذبح ثم يقال لا تذبح فهذا عظيم من القول لا يقع فيه ناسخ ولا منسوخ وقال قائل هذا الذبح في اللغة القطع وقد فعل ذلك إبراهيم عليه الصلاة والسلام .. والقول الثالث إن هذا أيضا لا يكون فيه نسخ وانما أمر إبراهيم بالذبح والذبح فعله وقد فعل ما تهيأ له وليس منعه من ذلك المنسوب اليه انه لم يفعل ما أمر به هذا قول صحيح حسن عليه أهل التأويل .. قال مجاهد لما أمر الله عز وجل إبراهيم بذبح ابنه إسحاق قال يا أبت خذ بناصيتي واجلس بين كتفي فلا أوذيك اذا وجدت حز السكين فلما وضع السكين على حلقه .. وفي بعض الأخبار فلما أمرّ السكين على حلقه انقلبت فقال له مالك يا أبت قال انقلبت قال فاطعن بها طعنا قال ففعل فانثنت فعلم الله تعالى منه الصدق ( وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ) .. وقد فعل إبراهيم ما أمر به ..
__________________
(١) سورة : الصافات ، الآية : ١٠٢
(٢) سورة : الصافات ، الآية : ١٠٧
(٣) سورة : المجادلة ، الآية : ١٢
(٤) سورة : البقرة ، الآية : ٢٤
(٥) سورة : الأنفال ، الآية : ٦٦