سورة الفتح والحجرات
بسم الله الرحمن الرحيم
حدثنا .. يموت بإسناده عن ابن عباس أنهما نزلتا بالمدينة .. وقد ذكرنا قول من قال ( إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ ) (١) الآية ناسخة لقوله ( وَما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ ) (٢) وأن هذا لا يكون فيه نسخ ولم نذكر معنى ( إِنَّا فَتَحْنا لَكَ ) على استقصاء وهذا موضعه .. فمن الناس من يتوهم أنه يعني بهذا فتح مكة وهذا غلط والذي عليه الصحابة والتابعون وغيرهم حتى كأنه إجماع كما روى أبو اسحاق عن البراء ( إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً ) قال يعدون الفتح فتح مكة وإنما نعده فتح الحديبية كنا أربع عشر مائة .. وكذا روى الاعمش عن أبي سفيان قال تعدون الفتح فتح مكة وإنما نعده فتح الحديبية وكذا قال أنس بن مالك وابن عباس وسهل بن حنيف والمسور بن مخرمة وقاله من التابعين الحسن ومجاهد والزهري وقتادة وفي تسمية فتح الحديبية فتحا أقوال للعلماء مثبتة لو لم يكن فيها الا ان الله عز وجل أنزل على نبيه صلىاللهعليهوسلم ( لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ ) (٣) بعد أن عرفه المغفرة له ثم لم ينزل بعد ذلك سخطا على من رضي عنه وأيضا فان الحديبية ورد عليها المسلمون وقد غاض ماؤها فتفل رسول الله صلىاللهعليهوسلم فيها فجاء الماء حتى عمهم ولم يكن بين المسلمين والكفار إلا ترام حتى كان الفتح وقد كان بعض العلماء يتأول أنه انما قيل ليوم الحديبية الفتح لأنه كان سببا لفتح مكة وجعله مجازا كما يقال قد دخلنا المدينة اذا قاربنا دخولها وأبين ما في هذا ما .. [ قال أبو جعفر ] حدثنا أحمد بن محمد بن الحجاج قال حدثنا يحيى بن سليمان قال حدثنا الأجلح عن محمد بن اسحاق عن ابن شهاب بإسناده قال لم يكن في الإسلام فتح أعظم منه كانت الحروب وقد حجزت بين الناس فلا يتكلم أحد وانما كان القتال فلما كانت الحديبية والصلح وضعت الحرب وأمن الناس فتلاقوا فلا يكلم أحد بعقد الإسلام إلا دخل فيه فلقد دخل في تلك السنين مثل من كان قبل ذلك وأكثر وهذا قول حسن بيّن وقال تعالى( لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ
__________________
(١) سورة : الفتح ، الآية : ١ ـ ٢
(٢) سورة : الأحقاف ، الآية : ٩
(٣) سورة : الفتح ، الآية : ١٨