والتابعين إيجابها واختلفوا في مقدار ما يخرج منها من البر والزبيب وأجمعوا على أنه لا يجوز من الشعير والتمر الا صاع .. فممن قال لا يجزي من البر الا صاع الحسن ومالك والشافعي وأحمد ويروى هذا القول عن علي بن أبي طالب وابن عباس واختلف عنهما .. وممن قال يجزي نصف صاع من الصحابة أبو بكر الصديق وعثمان وعبد الله بن مسعود وأسماء وجابر وابن الزبير وأبو هريرة ومعاوية فهؤلاء ثمانية من الصحابة .. ومن التابعين سعيد بن المسيب وعمر بن عبد العزيز وعروة وأبو سلمة وعطاء وطاوس ومجاهد وسعيد بن جبير وأبو قلابة وعبد الله بن شداد ومصعب بن سعد فهؤلاء أحد عشر من التابعين .. وممن دونهم الليث بن سعد والثوري وأبو حنيفة وصاحباه .. والحجة للقول الأول أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم لما فرض صاعا من شعير أو صاعا من تمر وكان قوتهم وجب أن يكون كل قوت كذلك .. والحجة للقول الثاني ان الصحابة والتابعين هم الذين قدروا نصف صاع بر وهم أعلم الناس بأمر رسول الله صلىاللهعليهوسلم ولا تجوز مخالفتهم الا الى قول بعضهم فإن قيل فقد خالفهم علي بن أبي طالب وابن عباس فالجواب انه قد اختلف عنهما وليس أحد القولين أولى من الآخر الا بالاحتجاج بغيرهما قرئ على أحمد بن شعيب عن عمران بن موسى عن عبد الوارث قال حدثنا أيوب عن نافع عن عمر قال فرض رسول الله صلىاللهعليهوسلم زكاة رمضان صاعا من تمر أو صاعا من شعير على كل حر وعبد وذكر وأنثى فعدل الناس به نصف صاع بر فهذا ابن عمر خبر ان الناس فعلوا هذا والناس الجماعة فأما الزبيب فأهل العلم مجمعون على انه لا يجزي منه في زكاة الفطر الا صاع خلا أبي حنيفة فإن أبا يوسف روى عنه انه يخرج منه نصف صاع كما يخرجه من البر .. وأما الاختيار فيما يخرج فأهل العلم مختلفون في ذلك فروي عن ابن عمر (١) وقال غيره لأن التمر منفعته عاجلة .. وقال الشافعي البر أحب اليّ وقال أبو يوسف أعجلها منفعة الدقيق يخرج نصف صاع من دقيق بر أو صاعا من دقيق الشعير .. فأما إخراج القيمة فمختلف فيه أيضا .. فممن اجاز ذلك عمر بن عبد العزيز والحسن وأهل الرأي ولم يجز مالك والشافعي وأحمد الا اخراج المكيلة كما جاءت به السنة وقال اسحاق يجوز ذلك للضرورة .. فأما دفع زكاة الفطر لإنسان واحد وان كانت عن جماعة فمما اختلف فيه أيضا وأجازه أهل المدينة فقال الشافعي يقسم كما تقسم الزكاة .. وأما إعطاء أهل الذمة منها فمختلف فيه أيضا فأكثر أهل العلم لا يجيزونه ومنهم من أجازه مرة الهمذاني وهو قول أهل الرأي وفرقوا بينها وبين الزكاة فلم يجيزوا في الزكاة الا المسلمين
__________________
(١) هكذا في الأصل ولعل ابن عمر كان يفضل التمر للتعليل الذي بعده.