الأنباري قال حدثنا عبد الله بن أيوب وعبد الله بن يحيى قالا حدثنا حجاج عن ابن جريج قال قلت لعطاء .. قول الله تعالى ( الشَّهْرُ الْحَرامُ بِالشَّهْرِ الْحَرامِ وَالْحُرُماتُ قِصاصٌ ) (١) قال هذا يوم الحديبية صدوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن البيت الحرام وكان معتمرا فدخل في السنة التي بعدها معتمرا مكة فعمرة في الشهر الحرام بعمرة في الشهر الحرام .. وقال مجاهد ردته قريش في ذي القعدة وفخرت بذلك فاعتمر في ذي القعدة من العام القابل [ قال أبو جعفر ] التقدير عمرة الشهر الحرام بعمرة الشهر الحرام والشهر الحرام هاهنا ذو القعدة بلا اختلاف وسمي ذا القعدة لأنهم كانوا يقعدون فيه عن القتال. كان النبي صلىاللهعليهوسلم اعتمر في ذي القعدة من سنة ست من الهجرة فمنعوه من مكة .. قال ابن عباس فرجعه الله عز وجل في السنة الأخرى فأقصه منهم والحرمات قصاص .. وروي عن ابن عباس أنه قال والحرمات قصاص منسوخة كان الله تعالى قد أطلق للمسلمين إذا اعتدى عليهم أحد أن يقتصوا منه فنسخ الله ذلك وصيره إلى السلطان فلا يجوز لأحد أن يقتص من أحد إلا بأمر السلطان ولا تقطع يد سارق ولا غير ذلك .. وأما مجاهد فذهب إلى أنّ المعنى فمن اعتدى عليكم فيه أي في الحرم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم .. والذي قاله مجاهد أشبه بسياق الكلام لأن قبله ذكر الحرم وهو متصل به إلا أنه منسوخ عند آخرين من أكبر العلماء .. وقد أجمع المسلمون أنّ المشركين أو الخوارج لو غلبوا على الحرم لقوتلوا حتى يخرجوا منها .. فإن قيل فما معنى الحديث أحلت لي ساعة وهي حرام بحرمة الله تعالى .. فالجواب أن النبي صلىاللهعليهوسلم دخلها غير محرم يوم الفتح فلا يحل هذا لأحد بعده إذا لم يكن من أهل الحرم .. فأما والحرمات قصاص فإنها جمع والله أعلم لأنه أريد به حرمة الإحرام وحرمة الشهر الحرام وحرمة البلد الحرام .. وأما فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم فسمي الثاني اعتداء وأما الاعتداء الأول ففيه جوابان أحدهما أنه مجاز على ازدواج الكلام فسمي الثاني باسم الأول مثل وجزاء سيئة سيئة مثلها والجواب الآخر حقيقة يكون من الشدّ والوثوب أي من شد عليكم ووثب بالظلم فشدوا عليه وثبوا بالحق .. وقد تكلم العلماء من الصحابة وغير هم بأجوبة مختلفة في الآية الخمس عشرة.
__________________
(١) سورة : البقرة ، الآية : ١٩٤