باب
ذكر الآية السبع عشرة
قال الله عزوجل ( وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ ) (١) الآية .. وقد صح عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه أمر أصحابه بعد أن أحرموا بالحج ففسخوه وجعلوه عمرة .. واختلف العلماء في فسخ أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم الحج بعد أن أهلوا به إلى العمرة فقالوا فيه أربعة أقوال .. فمنهم من قال أنه منسوخ كما روي عن عمر رضياللهعنه أنه قال في أتموا الحج والعمرة لله إتمامها أن لا يفسخهما .. وقد قيل وإتمامهما غير هذا كما قرأ عليّ عبد الله بن أحمد بن عبد السلام عن أبي الازهر قال حدثنا روح حدثنا شعبة عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن سلمة عن عليّ بن أبي طالب رضياللهعنه في قول الله عز وجل .. وأتموا الحج والعمرة لله قال أن تحرم من دويرة أهلك .. وقال سفيان الثوري إتمام الحج والعمرة أن تخرج قاصدا لهما لا لتجارة .. وقيل إتمامهما أن تكون النفقة حلالا .. وقال مجاهد وإبراهيم إتمامهما أن يفعل فيهما كل ما أمر به وهذا قول جامع .. وذهب أبو عبيد الى أن فسخ الحج إلى العمرة أن فسخ الحج إلى العمرة منسوخ بما فعله الخلفاء الراشدون المهديون أبو بكر الصديق وعمر وعلي وعثمان رضوان الله عليهم أجمعين لأنهم لم يفسخوا حجهم ولم يحلوا إلى يوم النحر فهذا قول في فسخ الحج أنه منسوخ .. والقول الثاني أن فسخ الحج إنما كان لعلة وذلك أنهم كانوا لا يرون العمرة في أشهر الحج ويرون أن ذلك عظيم فأمرهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم بفسخ الحج وتحويله إلى العمرة ليعلموا أن العمرة في أشهر الحج جائزة والدليل على أنهم كانوا يتحينون العمرة في أشهر الحج وهي شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة في قول ابن عمر .. وفي قول ابن عباس شوال وذو القعدة ومن ذي الحجة عشر والقولان صحيحان لأن العرب تقول جئتك رجبا ويوم الجمعة وإنما جئتك في بعضه فذو الحجة شهر الحج لأن الحج فيه لأن أحمد بن شعيب حدثنا قال حدثنا ابن عبد الأعلى بن واصل بن عبد الأعلى قال حدثنا أبو أسامة عن وهيب بن خالد قال حدثنا عبد الأعلى بن طاوس عن أبيه عن ابن عباس قال .. كانوا يرون أن العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور في الارض ويجعلون المحرم صفرا ويقولون اذا برأ الدّبر وعفا الوبر وانسلخ صفر أو قال دخل صفر فقد حلت العمرة لمن اعتمر فقدم رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأصحابه صبيحة رابعة مهلين بالحج فأمرهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن يجعلوها عمرة فتعاظم ذلك عندهم فقالوا لرسول الله صلىاللهعليهوسلم أي الحلّ نحلّ قال الحل كله فهذان قولان ..
__________________
(١) سورة : البقرة ، الآية : ١٩٦