عليك حج إن حصرت وفي الآية ( فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ) (١) فكان هذا ناسخا لما كانوا يعتقدونه من أن العمرة لا تجوز في أشهر الحج وجاز القران ولم يكونوا يستعملونه .. ثم اختلف العلماء في حجة الوداع .. فقال قوم إن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أفرد الحج فيها .. وقال قوم بل تمتع بالعمرة الى الحج .. وقال قوم بل قرن وجمع بين الحج والعمرة وكل هذا مروي بأسانيد صحاح حتى طعن بعض أهل الاهواء وبعض الملحدين في هذا وقالوا هذه الحجة التي حجها رسول الله صلىاللهعليهوسلم أجمع ما كان أصحابه فقد اختلفتم فيها وهي أصل من أصول الدين فكيف يقبل منكم ما رويتموه من أخبار الآحاد وهذا طعن من أحد شيئين إما أن يكون الطاعن به جاهلا باللغة التي خوطب بها القوم وإما ان يكون حائرا عن الحق وسنذكر أصح ما روي من الاختلاف في هذا ونبين أنه غير متضاد وقد قال الشافعي رحمة الله هذا من أيسر ما اختلفوا فيه وان كان قبيحا وهذا كلام صحيح لأن المسلمين قد أجمعوا انه يجوز الإفراد والتمتع والقران وإن كان بعضهم قد اختار بعض هذا كما قرأ عليّ أحمد بن محمد بن خالد الترابي عن خلف بن هشام المقري قال سمعت مالك بن أنس يقول .. في الافراد في الحج أنه أحب إليه لا التمتع والقران قال وليس على المفرد هدي .. قال الترابي. وحدثنا عبد الله بن عون قال حدثنا مالك بن أنس عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة رضياللهعنها .. أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أفرد الحج .. وهذا اسناد مستقيم لا مطعن فيه والحجة لمن اختار الإفراد أن المفرد أكبر تعبا من المتمتع لإقامته على الإحرام فرأى أن ذلك أعظم لثوابه والحجة في اتفاق الاحاديث أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم لما أمر بالتمتع وبالقران جاز أن يقال تمتع رسول الله صلىاللهعليهوسلم وقرن كما قال جل ثناؤه ( وَنادى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ ) (٢) وقال عمر بن الخطاب رضياللهعنه رجمنا ورجم رسول الله صلىاللهعليهوسلم وانما أمرنا بالرجم. وحدثنا بكر بن سهل قال حدثنا عبد الله بن يوسف قال حدثنا مالك بن أنس عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قطع في مجنّ قيمته ثلاثة دراهم وإنما أمر من قطع .. فلما كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم قد أمر بالتمتع والقران جاز هذا ومن الدليل على أمره بذلك أن أحمد بن شعيب قال أنبأنا يحيى بن حبيب بن عردي قال حدثنا حماد عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضياللهعنها قالت .. خرجنا مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم مواقتين لهلال ذي الحجة فقال من شاء منكم أن يهل بحجة فليهل وإن من شاء أن يهل بعمرة فليهل بعمرة [ قال أبو جعفر ] وهذا احتجاج لمن رأى إفراد الحج وسنذكر غيره .. فأما التمتع بالعمرة الى الحج فهذا موضع ذكره. قرأ عليّ أحمد بن محمد بن الحجاج عن يحيى بن عبد الله بن
__________________
(١) سورة : البقرة ، الآية : ١٩٦
(٢) سورة : الزخرف ، الآية : ٥١