هذا على أن هذا جائز أن يلبي الرجل ولا يريد حجا ولا عمرة ثم يوجب بعد ذلك ما شاء واستدل قائل هذا ان النبي صلىاللهعليهوسلم لبّى مرة بالإفراد ومرة بالتمتع ومرة بالقران حتى نزل عليه القضا قرن .. وقال بعض أهل العلم كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم قارنا واذا كان قارنا فقد حج واعتمر واتفقت الاحاديث .. وممن أحسن ما قيل في هذا أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أهلّ بعمرة فقال من رآه تمتع ثم أهل بحجة فقال من رآه أفرد ثم قال لبيك بحجة وعمرة فقال من سمعه قرن فاتفقت الأحاديث والدليل على هذا أنه لم يرو أحد عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال أفردت ولا تمتعت وصح عنه أنه قال قرنت. كما حدثنا أحمد بن شعيب قال أخبرني معاوية بن صالح قال حدثنا يحيى بن معين قال حدثنا حجاج قال حدثنا يونس عن أبي اسحاق عن البراء قال كنت مع عليّ بن أبي طالب رضياللهعنه .. حين أمّره رسول الله صلىاللهعليهوسلم على اليمن فلما قدم على النبي صلىاللهعليهوسلم قال علي ـ نضر الله وجهه ـ أتيت رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال لي رسول الله صلىاللهعليهوسلم ما ذا صنعت؟ قال أهللت بإهلالك قال فإني سقت الهدي وقرنت ثم أقبل على أصحابه فقال لو استقبلت من أمري ما استدبرت لفعلت كما فعلتم ولكني سقت الهدي وقرنت. وحدثنا أحمد بن شعيب قال حدثنا يعقوب قال حدثنا هشيم قال حدثنا حميد قال حدثنا بكر بن عبد الله المزني قال سمعت أنس بن مالك يقول .. سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يلبي بالحج والعمرة والحج جميعا فحدثت بذلك ابن عمر فقال لنا بالحج وحده فلقيت أنسا فحدثته فقال ما يعدّوننا إلا صبيانا أنا سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول لبيك حجة وعمرة معا فهذه أحاديث بينة ونزيدك في ذلك بيانا ، أن بكر بن سهل حدثنا قال عبد الله بن يوسف قال أنبأنا مالك عن نافع عن ابن عمر عن حفصة قالت .. قلت يا نبي الله ما بال الناس قد حلوا من عمرتهم ولم تحل؟ قال إني لبدت رأسي وسقت هديي فلا أحل حتى أنحر .. بيّن أنه كان قارنا لأنه لو كان متمتعا أو مفردا لم يمتنع من نحر الهدي .. فهذا ما جاء في الحج من ناسخ ومنسوخ واحتجاج ونذكر ما في الخمر بعده من النسخ ونذكر قول من قال إن الآية التي في سورة البقرة ناسخة لما كان مباحا من شرب الخمر .. وقول من قال إنها منسوخة ونذكر ما هو بمنزلة الخمر من الشراب وما يدل على ذلك من الأحاديث الصحاح عن النبي صلىاللهعليهوسلم وما يدل من المعقول ومن الاشتقاق واللغة على أن ما أسكر كثيره فقليله حرام وأنه خمر ونذكر الشبه التي أدخلها قوم وهذا كله في الآية الثماني عشرة.
باب
ذكر الآية الثماني عشرة
قال الله عز وجل ( يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ