وامرأته بعد ان طلقها تطليقتين وخالعها وهذا شاذ وخارج عن الإجماع والمعقول وذلك أنه اذا قال لامرأته أنت طالق إذا كان كذا فوقعت الصفة طلقت بإجماع فكيف يكون إذا أخذ منها شيئا أو طلق نصفه لم يقع فهذا محال في المعقول وطاوس وإن كان رجلا صالحا فعنده عن ابن عباس مناكير يخالف عليها ولا يقبلها أهل العلم منها أنه روى عن ابن عباس أنه قال في رجل قال لامرأته أنت طالق ثلاثا إنما تلزمه واحدة ولا يعرف هذا عن ابن عباس إلا من روايته والصحيح عنه وعن علي بن أبي طالب رضياللهعنه أنها ثلاث كما قال الله عزّ وجلّ ( فَإِنْ طَلَّقَها فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ ) (١) أي الثالثة .. فأما العلة التي رويت عن ابن عباس في المختلعة فإنه روي عنه أنه قال وقع الخلع بين طلاقين قال جل ثناؤه ( الطَّلاقُ مَرَّتانِ ) (٢) ثم ذكر المختلعة فقال ( فَإِنْ طَلَّقَها ) (١) .. [ قال أبو جعفر ] الذي عليه أهل العلم أن قوله ( الطَّلاقُ مَرَّتانِ فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ ) (٢) كلام قائم بنفسه ثم قال ( وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً ) (٢) فكان هذا حكما متشابها ثم قال جل ثناؤه ( فَإِنْ طَلَّقَها ) (١) فرجع الى الأول ولو كان على ما روي عن ابن عباس لم تكن المختلعة إلا من طلقت تطليقتين وهذا مما لا يقول به أحد ومثل هذا في التقديم والتأخير وامسحوا برءوسكم وأرجلكم .. [ قال أبو جعفر ] وهذا بين في النحو وفي الآية من اللغة وقد ذكره مالك أيضا فقال المختلعة التي اختلعت من كل مالها والمفتدية التي افتدت ببعض مالها والمبارئة التي أبرأت زوجها من قبل أن يدخل بها فقالت قد أبرأتك فبارئني قال وكل هذا سواء وهذا صحيح في اللغة وقد يدخل بعضه في بعض فيقال مختلعة وإن دفعت بعض مالها فيكون تقديره إنما اختلعت نفسها من زوجها وكذلك المفتدية وإن افتدت بكل مالها .. فأما من قال لا يجوز أن تختلع بأكثر مما يساق اليها من الصداق فشيء لا توجبه الآية لأن الله عز وجل قال ( فَلا جُناحَ عَلَيْهِما فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ ) (٢) من ذلك ولا منه فيصح ما قالوا على أن سعيد بن المسيب يروى عنه انه قال لا يجوز الخلع الا بأقل من الصداق وقال ميمون بن مهران من أخذ الصداق كله فلم يسرح بإحسان .. وقد أدخلت الآية الرابعة والعشرون في الناسخ والمنسوخ قال ذلك مالك بن أنس.
__________________
(١) سورة : البقرة ، الآية : ٢٣٠
(٢) سورة : البقرة ، الآية : ٢٢٩