على كل امرأة بالغة كانت أو غير بالغة مدخولا بها أو غير مدخول أمة كانت تحت حرّ أو حرة تحت عبد أو مطلقة واحدة أو ثنتين لأنها بمنزلة من لم تطلق ودل على أنه لا إحداد على المبتوتة وإنما هو على المتوفى عنها زوجها ودل ظاهر الحديث على أنه لا إحداد على كافرة لقول النبي صلىاللهعليهوسلم تؤمن بالله واليوم الآخر ودل أيضا ظاهره أنه لا إحداد على الحامل بذكر النبي صلىاللهعليهوسلم أربعة أشهر وعشرا .. فأما معنى ترمى بالبعرة .. فقال فيه أهل اللغة والعلماء بمعاني العرب أنهن كن يفعلن ذلك ليرين أن مقامهن حولا أهون عليهن من تلك البعرة المرمية .. وفيه من اللغة قوله تنقض وقد رواه بعض الفقهاء الجلة تقبض .. وقيل معناه تجعل أصابعها على الطائر كما قرئ فقبضت قبضة فخالفه أصحاب مالك أجمعون .. فقالوا تفيض وهو على تفسير مالك كذا يجب كما حدثنا .. بكر بن سهل قال حدثنا عبد الله بن يوسف قال سمعت مالكا وسئل ما تفيض به قال تمسح به جلدها .. [ قال أبو جعفر ] وهذا مشتق من أنفض القوم اذا تفرقوا وزال بعضهم عن بعض .. قال عزّ وجلّ ( حَتَّى يَنْفَضُّوا ) فمعنى تفيض به تزول به لأنها لا تزول عن مكانها إلا بهذا فقد صارت تفيض به .. وأما قول من قال الآيتان محكمتان فاحتج بأن المتوفى عنها زوجها لا تبيت الا في منزلها فليس بشيء لأنه لو كان كما قال لأوجب عليها أن تقيم سنة كاملة كما في الآية المنسوخة وأيضا فليس في مقامها في منزلها إجماع بل قد اختلف فيه الصدر الأول ومن بعدهم .. فممن قال ان عليها المقام عمر وعثمان وأم سلمة وابن مسعود وابن عمر وتابعهم على ذلك أكثر فقهاء الأمصار .. وقال مالك تزورهم بعد العشاء الى أن يهدأ الناس ولا تبيت إلا في منزلها وهذا قول الليث وسفيان الثوري وأبي حنيفة والشافعي .. وقال محمد بن الحسن لا تخرج المتوفى عنها زوجها والمبتوتة من منزلها البتة .. وممن قال غير هذا وقال لها أن تخرج وتحج إن شاءت ولا تقيم في منزلها علي بن أبي طالب رضياللهعنه وعلى هذا صح عنه أنه أخرج ابنته أم كلثوم زوجة عمر بن الخطاب رضياللهعنه .. لما قتل عمر فضمها إلى منزله قبل أن تنقضي عدتها وصح عن ابن عباس مثل هذا روى الثوري عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس .. قال ليس على المتوفى عنها زوجها ولا على المبتوتة اقامة في بيتها إنما قال الله عز وجل ( يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً ) (١) إنما عليها العدة وليس عليها مقام ولا نفقة لهما .. وممن قال بهذا القول على أنه ليس على المتوفى عنها زوجها اقامة عائشة وجابر بن عبد الله فهؤلاء أربعة من الصحابة لم يوجبوا الإقامة ومنهم من يحتج بالآية والحجة لمخالفهم قوله عز وجل ( يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَ ) فعليهن أن يحبسن
__________________
(١) سورة : البقرة ، الآية : ٢٣٤