بحقيقة الأمر مما لا يجوز أن يؤخذ بقياس والآراء لأنه أخبر أنها نزلت فيه ( وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ ) فجعله قتادة على الموسر والمعسر .. وقال السدي على المعسر وهذا أولى لأنه يليه .. واختلفوا في الآية التاسعة والعشرين فجاء الاختلاف فيها عن الصدر الأوّل والثاني.
باب
ذكر الآية التاسعة والعشرين
قال عز وجل ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا تَدايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ ) (١) الآية .. وافترق العلماء فيها على ثلاثة أقوال .. فمنهم من قال لا يسع مؤمنا اذا باع بيعا الى أجل واشترى إلا أن يكتب ويشهد إذا وجد كاتبا ولا يسع مؤمنا اذا اشترى شيئا أو باعه إلا أن يشهد وإلا يكتب اذا لم يكن الى أجل .. واحتجوا بظاهر القرآن .. وقال بعضهم هذا على الندب والإرشاد لا على الحتم .. وقال بعضهم هو منسوخ .. فمن قال هو واجب من الصحابة ابن عمر وأبو موسى الاشعري ومن التابعين محمد بن سيرين وأبو قلابة والضحاك وجابر بن زيد ومجاهد ومن أشدهم في ذلك عطاء قال أشهد إذا بعت أو إذا اشتريت بدرهم أو نصف درهم أو ثلث درهم أو أقل من ذلك فان الله تعالى يقول ( وَأَشْهِدُوا إِذا تَبايَعْتُمْ ) (١) حدثنا .. جعفر بن مجاشع قال حدثنا إبراهيم بن اسحاق قال حدثنا شجاع قال حدثنا هشيم عن مغيرة عن إبراهيم قال .. أشهد اذا بعت واذا اشتريت ولو دستجة بقل .. وممن كان يذهب الى هذا محمد بن جرير وأنه لا يحل لمسلم إذا باع أو اشترى أن لا يشهد وإلا كان مخالفا كتاب الله وكذا إذا كان الى أجل فعليه أن يكتب ويشهد إن وجد كاتبا واحتج بحجج سنذكرها في آخر الاقوال في الآية .. وممن قال انها منسوخة من الصحابة أبو سعيد الخدري كما حدثنا .. محمد بن جعفر الأنباري بالأنبار قال حدثنا إبراهيم بن دسيم الخراساني قال حدثنا عبيد الله بن عمر قال حدثنا محمد بن مروان قال حدثنا عبد الملك بن أبي نصرة عن أبيه عن أبي سعيد الخدري أنه تلا ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا تَدايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ ) الى ( فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمانَتَهُ ) (٢) .. قال
__________________
(١) سورة : البقرة ، الآية : ٢٨٢
(٢) سورة : البقرة ، الآية : ٢٨٣