روى زيد بن أبي زياد عن مقسم عن ابن عباس .. وأما الرواية عن عائشة رضياللهعنها فإنها قالت ما همّ به العبد من خطيئة عوقب على ذلك بما يلحقه من الهم والحزن في الدنيا .. فهذه أربعة أقوال قرأ علي .. أحمد بن محمد بن الحجاج عن يحيى بن سليمان قال حدثنا اسماعيل بن علية قال حدثنا ابن أبي نجيح عن مجاهد في قول الله تعالى ( وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ ) (١) .. قال هذا في الشك واليقين وهذه الأقوال الخمسة يقرب بعضها من بعض .. فقول مجاهد في الشك واليقين قريب من قول ابن عباس بأنها لم تنسخ وأنها عامة .. وقول ابن عباس الذي رواه عنه مقسم أنها في الشهادة يصح على أن غير الشهادة بمنزلتها .. وقول عائشة رضياللهعنها أنه ما يلحق الانسان في الدنيا على أن يكون خاصة أيضا .. فأما أن تكون منسوخة فتصح من جهة وتبطل من جهة .. فأما الجهة التي تبطل منها فإن الأخبار لا يكون فيها ناسخ ولا منسوخ ومن زعم أن في الأخبار ناسخا أو منسوخا فقد ألحد أو جهل فأخبر الله سبحانه وتعالى أنه يحاسب من أبدى شيئا أو أخفاه فمحال أن يخبر بضده وأيضا فان الحكم اذا كان منسوخا فإنما ينسخ بنفيه بآخر ناسخ له ناف له من كل جهاته فلو كان لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ناسخا لنسخ تكليف ما لا طاقة به وهذا منفي عن الله تعالى أن يتعبد به كما قال تعالى ( لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلاَّ ما آتاها ) (٢) وصح عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه كان يلقن أصحابه إذا تابعوا فيما استطعتم به .. وأما الوجه الذي يصح منه وهو الذي ينبغي ان يبين ويوقف عليه لأن المعاند ربما عارض بقول الصحابة والتابعين في أشياء من الأخبار ناسخة ومنسوخة فالجاهل باللغة .. إما ان يجد فيها وإما أن يلحد فيقول وأخبار ناسخة ومنسوخة وهو يعلم ان الانسان إذا قال قام فلان ثم نسخ هذا فقال لم يقم فقد كذب وفي حديث ابن عباس تبين ما أراد كما حدثنا .. محمد بن جعفر الأنباري قال حدثنا صالح بن زياد الرقي قال حدثنا يزيد قال أنبأنا سفيان بن حسين عن الزهري عن سالم أن عبد الله بن عمر .. تلا ( وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ ) (١) فدمعت عيناه فبلغ صنعه ابن عباس .. فقال يرحم الله أبا عبد الرحمن صنع كما صنع أصحاب محمد صلىاللهعليهوسلم حين أنزلت ونسختها الآية التي بعدها ( لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَها لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ ) (٣) معنى نسختها نزلت بنسختها وليس هذا من الناسخ والمنسوخ في شيء قرأ علي .. عبد الله بن الصفر بن نصر عن زياد بن أيوب قال أنبأنا هشيم قال أنبأنا شيبان عن الشعبي .. قال لما نزلت( وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ
__________________
(١) سورة : البقرة ، الآية : ٢٨٤
(٢) سورة : الطلاق ، الآية : ٧
(٣) سورة : البقرة ، الآية : ٢٨٦