الصامت عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال .. « خذوا عني قد جعل الله لهنّ سبيلا البكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة والثيب بالثيب جلد مائة والرجم » فتبين بقول النبي صلىاللهعليهوسلم قد جعل الله لهنّ سبيلا أن الآية لم تنسخ قبل هذا .. [ قال أبو جعفر ] وهذا الحديث أصل من أصول الفقه وان كان قد تؤول فيه شيء سنذكره في موضعه .. ومما يدل أيضا على ما قلنا أن أحمد بن محمد الأزدي حدثنا .. قال حدثنا أبو شريح محمد بن زكرياء وابن أبي مريم قالا حدثنا محمد بن يوسف قال حدثنا قيس بن الربيع قال حدثنا مسلّم عن مجاهد عن ابن عباس فى قوله تعالى ( وَاللاَّتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ ) (١) قال فكانت المرأة إذا زنت حبست ماتت أو عاشت حتى نزلت في سورة النور ( الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ ) (٢) ونزلت سورة الحدود فكان من أرسل سواء جلد وأرسل (٣) .. [ قال أبو جعفر ] ودل هذا على أن ابن عباس لم يكن يقول بنفي الزاني .. وأما القول الذي اختاره محمد بن جابر ففيه شيء وذلك أنه جعل واللذان يأتيانها منكم للرجل والمرأة وهذا إنما يجوز في العربية على مجاز ولا يحمل الشيء على المجاز ومعناه صحيح في الحقيقة والذي عارض به من قوله أن العرب لا تواعد اثنين الا أن يكونا شخصين مختلفين فهذا وإن صح فهما شخصان مختلفان لأنه اذا كان واللذان للرجلين الثيبين والبكرين فهما مختلفان ومعارضته أنه لو كان هكذا لوجب أن يكون والذين لا يلزم لأن العرب تحمل اللفظ على المعنى كما قال جل ثناؤه ( وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما ) (٤) ومثل هذا كثير .. والقول الذي اخترناه قول ابن عباس كما حدثنا .. بكر بن سهل قال حدثنا عبد الله بن صالح قال حدثني معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال قوله جل ثناؤه ( وَاللاَّتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ ) فكانت المرأة اذا زنت تحبس في البيت حتى تموت ثم أنزل الله تعالى بعد ذلك ( الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ ) فان كانا محصنين رجما في سنة رسول الله صلىاللهعليهوسلم .. [ قال أبو جعفر ] هذا نص هذا السبيل الذي جعل الله لهما .. قال وقوله تعالى ( وَالَّذانِ يَأْتِيانِها مِنْكُمْ فَآذُوهُما ) .. قال كان الرجل اذا زنى أوذي بالتعيير وضرب النعال فأنزل الله تعالى بعد هذا ( الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ ) فان كانا
__________________
(١) سورة : النساء ، الآية : ١٥
(٢) سورة : النور ، الآية : ٢
(٣) هكذا في الأصل وليحرر.
(٤) سورة : الحجرات ، الآية : ٩