دراسة في منطوق الوصيَّة
والروايات الضبابية
بعد تلك الأحاديث التي ترقى إلى درجة المتفَق عليه ، اندسّت في ثنايا هذه الحادثة أخبار وروايات اُخر من شأنها أن تثير شيئاً من الضبابية ، كثيراً أو يسيراً ، على تلك الصورة التي تشكّل بنفسها إدانة كبيرة للتاريخ السياسي الذي خلف رحيل النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم..
وفيما يلي دراسة في منطوق الوصية بأشكالها المختلفة.
حاول فيه أصحابه أن يوجِّهوا الأنظار إلىٰ أمرٍ بعيد كلَّ البعد عن الوصية ولا علاقة له بها ولا بغيرها .. وصوَّروها وكأنَّها حادثة عائلية لا غير ، وكلامها مجمل لم يوضّح لسامعه أي المعاني يريد ، وإلىٰ أي المقاصد يرمي.
فقد نقل عن عمر بن الخطَّاب أنَّه قال : « كنَّا عند النبيِّ وبيننا وبين النساء حجاب ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : اغسلوني بسبع قرب ، وأتوني بصحيفة ودواة أكتب لكم كتاباً لن تضلُّوا بعده أبداً ، فقالت النسوة : ائتوا رسول الله بحاجته ، قال عمر : فقلت : اسكتن فإنَّكنَّ صواحبه إذا مرض عصرتنَّ أعينكنَّ ، وإذا صحَّ أخذتنَّ عنقه. فقال رسول الله : « هنَّ خير منكم » (١).
وهذا الحديث محرَّف عن حديث الصلاة التي أقامها أبو بكر ،
__________________
(١) الطبقات الكبرى / ابن سعد ٢ : ٢٤٣ ، كنز العمَّال / ١٨٧٧١.