فأسرع النبيُّ صلىاللهعليهوآلهوسلم يتهادىٰ بين العبَّاس وعليٍّ حتَّىٰ أقام الصلاة بنفسه. كما أنَّ في هذا الحديث جرأة وتدخُّل في شؤون النبيِّ الخاصَّة لا ينبغي لأحد فعلها.
وهناك حديث آخر ، ولكنَّهم ينقلونه عن عليٍّ عليهالسلام ، وهذا الأُسلوب معروف مسبقاً ، إذ يبغون فيه تثبيت شيء على لسان صاحب القضية نفسها ، ليقولوا للناس : انظروا إنَّه هو نفسه يقول بهذا الرأي.
عن عليٍّ عليهالسلام عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لمَّا ثقُلَ قال : « يا علي ، إئتني بطبق أكتب فيه ما لا تضلُّ أُمَّتي بعدي » ، فخشيت أن تسبقني نفسه ، فقلت : إنِّي أحفظ ذِرعاً من الصحيفة ، فكان رأسه بين ذراعي وعضدي ، فجعل يُوصي بالصلاة والزكاة وما ملكت أيمانكم ، قال ذلك حتَّىٰ فاضت نفسه ، وأمر بشهادة أن لا إله إلا الله وأنَّ محمَّداً عبده ورسوله ، من شهد بها حُرِّم على النار » (١).
وبقي أن ننقل في هذا القسم حديث عائشة الذي يتناول الموضوع نفسه ، ولا يخفىٰ ما لها ، من موقف واضح وصريح في عداوتها وبغضها لعليٍّ عليهالسلام.
عن الأسود بن يزيد قال : ذكروا عند عائشة أنَّ عليَّاً كان وصيّاً ، فقالت : متىٰ أوصىٰ إليه ! فقد كنت مسندتَهُ إلىٰ صدري ـ أو قالت حجري ـ فدعا بالطست ... ، فلقد انخنث في حجري ، وما شعرت أنَّه مات ، فمتى أوصىٰ إليه ؟! (٢).
وهي بالطبع محقَّة في بعض ما روت ؛ لأنَّ الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم بالفعل
__________________
(١) كنز العمَّال / ١٨٧٩٦.
(٢) صحيح مسلم ٥ : ٧٥.