دقَّته ، وتسالموا علىٰ صحَّته وتواتره ، ولكنَّهم أيضاً اختلفوا في بعض فقراته.
وقع أوَّل اختلاف في الشخص الذي منع الرسول بسبب إغفال بعض الرواة ذكر ذلك الشخص ، حيث أنّهم نقلوا كلمة النبيِّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بطلبه للكتاب ، ثُمَّ أردفوها ب « فتنازعوا ولا ينبغي عند النبيِّ تنازع ... » (١).
وأحسب أنَّ إغفال ذكر المتصدِّي لمنع الوصيَّة في بعض الروايات سببه إبعاد شبهة الصدِّ عن تبليغ الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم بما ينفع المسلمين ، وهذا لعمري أمر خطير والتهاون فيه والتسامح معه لا ينبئ إلاَّ عن ضحالة وسذاجة مفضوحة لا يسترها ساتر.
وأحسب أيضاً لو أنَّ الروايات وصلت إلينا بدون اسم ، ولم تعيِّن بشكل تامٍّ ـ لا في هذه التي أوردناها أعلاه ولا في غيرها ـ المانع لوصيَّة الرسول ، لتبارىٰ كثيرون من مختلف المذاهب في رمي هذه التهمة علىٰ إخوانه الآخرين ، ولأشبع بعضنا بعضاً تقريعاً وتجريحاً ، ولنالت الشبهة جميع الصحابة من مختلف الأذواق.
غير أنَّ ذلك لم يحدث والحمد لله ، وفقأت عين الفتنة روايات متواترة تذكر بدون تلجلج مانع الوصيَّة ، وحيث إنَّ مانع الوصيَّة شخصية ينظرون إليها بعين الإكبار والتجليل ، تسامحوا معه ، وعلَّلوا منعه بكلِّ ما يمكنهم أن يعلِّلوا له.
ولا ريب أنَّ عدم ذكر مانع الوصيَّة فيما نقلناه والاعتذار له من قبل بعض الباحثين ، هو اعتراف منهم بأنَّ مانع الوصيَّة قد عمل شيئاً
__________________
(١) صحيح مسلم ٥ : ٧٥.