تربَّينا علىٰ نهجك وصراطك وسُنَّتك ، وسنختار منَّا من يقود المسلمين ويصلح أمرهم ... أو أي شيء يشبه أو يقارب هذه العبارات.
فلمّا لم يقل من ذلك أو نظائره شيئاً ، بل قال مكانه : « إنَّ النبيَّ قد غلبه الوجع ». فالذي يُفهم منه أنّه أراد أن يصوِّر للآخرين بأنَّ هذا المسجَّىٰ قد هاج عليه الوجع ، فلا فائدة ترتجىٰ من مقولته أو وصيَّته.
وعبارة « عندنا كتاب الله حسبنا » تدلُّ علىٰ ذلك بوضوح وصراحة ، فلا يمكننا أن نسمِّي مقالته مراجعة ، لأنَّه لم يتكلَّم مع الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وإنَّما تكلَّم مع غيره.
وقد يتكلَّف البعض ويقول : إنَّ عمر شاهد الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم بحالة صعبة ، فشقَّ عليه ، وتألَّم كثيراً ، وأراد أن يريح الرسول فلا يتكلَّف الكلام في أمر قد عقلوه ، غير أنّ هذا لا يدلُّ عليه كلام عمر ، حيث إنَّ الرواة لم ينقلوا عنه مقالة عطف ورأفة بالنبيِّ صلىاللهعليهوآلهوسلم. انظروا إلىٰ العبارة جيِّداً ، فهل تلاحظون ما استنبطه هؤلاء ؟
فلو قال عمر مثلاً : إنَّك تتألَّم ، وتأبىٰ نفوسنا أن نراك كذلك ، فلو هوَّنت عليك واسترحت ، وسنكفيك ما تريد ما استطعنا إلىٰ ذلك سبيلاً. أو عبارة نحو هذه ، أو ألطف منها وأرقُّ ، لكُنَّا الآن نمجِّد قلب عمر الرقيق ومحبَّته وحنانه.
ثُمَّ لنتصوَّر الحالة كما هي منقولة ، فنقول : إنَّ الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : « ائتوني بلوحٍ ودواة أكتب لكم كتاباً لن تضلُّوا بعده أبداً » وكان عنده خلق كثير ، وقد سمعوا طلب النبيِّ العظيم صلىاللهعليهوآلهوسلم الذي يريد أن يرحل عنهم ، فيخسروا وجوده الكريم المبارك. وهنا تصدَّىٰ عمر فتكلَّم مع الموجودين ـ لا مع الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ وقال لهم : « إنَّ النبيَّ قد غلبه