الوصية قبل الاحتضار
قد يتساءل البعض ؛ لماذا لم يوصِ الرسول بما يريد قبل مرضه ؟!
والتساؤل في محلِّه. ذلك أنَّ المرض ربَّما يكون قد أوحىٰ إلىٰ عمر أو غيره بما جرىٰ في حضرة الرسول الأعظم ، وما جرَّه من خلاف امتدَّ من ذلك اليوم إلىٰ يومنا هذا ، وربَّما يمتدُّ إلىٰ يوم القيامة.
فحياة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم كانت كافية لإيجاد الوقت الأكثر مناسبة لظرفية تبليغ الوصيَّة.
وادَّعاؤنا لأهمية الوصيَّة وضرورتها جاء من تدقيقنا في أحداث تلك الواقعة التأريخية وأقوال الرسول فيها. فكيف ندرك نحن تلك الأهمية ، بينما لا تجد عند الرسول متَّسعاً من وقته إلا عند ساعة احتضاره ومرضه ؟!
ألا يحقُّ لنا أن نسأل عن السبب الذي دعا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إلىٰ تأخير تلك الوصيَّة إلىٰ وقت حرج وعصيب ( ظنَّ ) معه عمر أنَّه صلىاللهعليهوآلهوسلم قد غلبه الوجع ، ولا يملك القوَّة الذهنية اللازمة لإملاء مثل تلكم الوصيَّة الخطيرة ؟
لقد عاش الصحابة مع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ردحاً من الزمن غير يسير ، وكانوا يسمعونه يتحدَّث معهم عن الحلال والحرام والصبر والقناعة والجهاد ، وعن كلِّ شاردة وواردة من شؤون الحياة ... كان يأمر فيطيعون ، وينهىٰ فينتهون ، ويدعوهم إلىٰ القتال فيرمون ما بأيديهم من تفاهات الدنيا ويلقون أنفسهم في لهوات الموت ( فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ