أسف على الفكر
لا يمكن لأحد أن ينكر ما قدّمه الأستاذ عباس محمود العقاد للمكتبة العربية والإسلامية ، وإثراءه لها بمجموعته الخالدة ، وقد سمعنا كثيراً في إطراء أدبه وأفكاره. إلاّ أننا نقول إن الحبّ يجعل صاحبه يطري ويفتتن ، والكره أو البغض يدفع صاحبه إلى الذمّ والازدراء.
وقال الشاعر :
وعين الرضا عن كلّ عيب كليلة |
|
|
|
ولكن عين السخط تبدي المساويا |
|
وربّما يكون مفكرنا العقاد قد سقط هنا سقطته الكبيرة لمثل هذه العلّة ، حيث إنه أحبّ الخليفة الثاني وعظمت شخصيته عنده ، وخلبت لبه ، فأصبح لا يمكنه أن يقضي القضاء الصحيح على قضية واضحة ، إذ فتنته تلك الشخصية فلم يجد بُدّاً إلاّ أن يوجه أفعالها على أحسن ما يكون التوجيه ، رغم أنه قال : « ولا يحسبنّ القارئ أننا نتعسف التأويل والتخريج ، لننظر إلىٰ عمر في أجمل الصور ، ونوجه أعماله أحسن التوجيه ».
ولا ضير عليه إن كانت قضيتنا ليست بهذه الأهمية وهذه الحساسية العظيمة ، حتى قيل : ما سُلّ سيف في الإسلام على قاعدة دينية كما سُلّ على الإمامة في كل زمان ، ذلك لأنّها قضية مصير المسلمين ومستقبلهم وقيادتهم وأئمتهم ، و ( لابدّ للناس من إمام ... ).