القضية لا تحتمل التساهل والتغاضي ، كيف وهي الشرارة التي أشعلت الفتن بين المسلمين علىٰ مر التأريخ.
فكيف لنا أن نغفر للأستاذ العقاد وهو يصور مسألة الوصية تصويراً واهناً ، هشاً ، لا اعتبار له ولا أهمية. ويصور أو يركز على مسألة واحدة وهي أن هذه الوصية لم تكن في مسألة الخلافة لعلي عليهالسلام ؟!
ولا يهمنا هنا إن كانت الوصية لعلي ، أو لشأن آخر ، ولكن الذي يهمنا أنّ الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم تحمل بالرغم من مرضه الآلام وطلب كتفاً ودواة ليكتب لهم شيئاً لن يضلوا بعده أبداً. وليكن ذلك الشيء ما يكون ، إلاّ أننا نقول إن كلمة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم « لن تضلوا بعده أبداً » لها أهمية عظيمة تحرضنا على البحث عن حقيقة تلك الواقعة ومأساتها.
فإصرار الأستاذ العقاد على توجيه اللوم لفئة من الناس لادعائهم الوصية لخلافة علي عليهالسلام ليس مهماً عندنا هنا في البحث بقدر الأهمية التي نقولها بمنع هذه الوصية النبوية مهما كانت.
يقول عباس محمود العقاد : « أما مسألة الخلافة فالذي يزعمه فيها الذين يخوضون في القضايا والمخاصمات أن عمر رضياللهعنه تعمد أن يحول بين علي والخلافة بصرفه النبي عن كتابة الكتاب الذي أراد أن يبسط فيه وصاياه فلا يضل المسلمون بعده ... ».
ويقول : « فالنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يدع بالكتاب الذي طلبه ليوصي بخلافة علي أو خلافة غيره ، لأن الوصية بالخلافة لا تحتاج إلىٰ أكثر من كلمة تقال أو إشارة كالإشارة التي فهم المسلمون منها إيثار أبي بكر بالتقديم ، وهي إشارته إليه أن يصلي بالناس » (١).
__________________
(١) عبقرية عمر : ٥٣٩.