أياديه في كربلاء :
لعلّ أكبر خدمة وأنفس موقف يمكن أن يختصّ به وحيدنا الوحيد رحمهالله في كربلاء هو تطهيره الفقه الشيعي والسير الاجتهادي من براثن التحجّر والجمود ، وإنقاذ المذهب من الانحراف والاعوجاج الفكري الّذي أولده بعض الأخباريين (١).
ولا يمكن أن تعدّ هذه العطيّة الإلهيّة والمنحة الربّانيّة ـ أعني وجود شيخنا الوحيد ـ منحصرة بأيّام حياته طاب ثراه ، إذ أنّ دوره العظيم ـ باعتراف جميع المؤرّخين وأصحاب السير ـ قد استغلّ من قبل كلّ من عاصره ولحق به على مدّ التاريخ متنعّما بما بسطه على موائده العلميّة من علوم عقليّة ونقليّة.
قال في « نجوم السماء » ـ ما ترجمته ـ :
هو من أعاظم مشايخ علماء الدين المبين ، وكبار الفقهاء والمحدّثين ، تنتهي سلسلة أسانيد أكثر العلماء ممّن جاء من بعده وإلى الآن به ، بل سلسلة تتلمذ جميع المشاهير إليه ، ولذا لقّب ب : أستاذ الكلّ في الكلّ (٢).
بالإضافة إلى ذلك فقد وفّق شيخنا المترجم إلى تربية باقة من المجتهدين ، كلّ واحد منهم يعدّ آية ونجما يتلألأ في أفق تأريخ الفقاهة ويفيض في ساحته ، كما وقد وفّق إلى تأليف رسائل وكتب تعدّ جلّها ـ إن لم نقل كلّها ـ من خير ما كتب في ذلك الفنّ في تلك البرهة ، وسنأتي لعدّها وتعدادها قريبا.
__________________
(١) من المستحسن مراجعة رسالة الاجتهاد والأخبار : ٢١٥ ـ ٢٢٩ ، للاطّلاع على آثار هذا النوع من التفكّر.
(٢) نجوم السماء : ٣٠٣.